ثوّار ولاية كرناتكا: رموز النضال وأيقونات الاستقلال

تتمتع ولاية كرناتكا بحكايات ذات قيمة وقامة تلقح في قلوبنا فخرا وعزة. عندما بسط الغرب نفوذهم على أرض الهند لانتهابها وطمس بصيصها المتألق، كانت قرية صغيرة من ولاية كرناتكا تسمى إيسور هي التي شحذت خناجر النضال ومهدت مواطئ المقاومة الشرسة حيث قام ثلة من أهل تلك القرية بقتل أوغاد الاستعمار عندما جبيت إليهم الضرائب. وتم شنق القاتلين من قبل البريطانيين.
   
كانت بداية الثورة تصنع من قبل الملوك وأصحاب العقارات. ولكنها تشتتت وذهبت أدراج الرياح بفقدان الوحدة. ثم حمي وطيس المعركة حينما تشظت جذوات الثورة إلى مناطق عدة في كرناتكا وزجت طموحات الاستعمار إلى قعر الهاوية وجعل أطماعهم أضغاث أحلام. وهنا نسرد جحافل الحكايات التي تعكس مشاهد الاعتزاز وتعزف في مسامعنا أوتار النصر الصناجة.

بزوغ الفوضى واندلاع التوترات السياسية
 عندما وافت المنية أورنغزيب أحد أقوى أباطرة المغول، جن ليل الفوضى وتدثر الجو بحنادس العتمة من التوترات والسياسية والانتكاسات الحكومية مما مكن البريطانيين من الاستيلاء على معظم أنحاء الهند حتى استطالت سيطرتهم على جنوب الهند وفاقمت الضغوط على الهنود.

مقاومة حيدر علي وابنه تيبو سلطان:
حيدر علي هذا الاسم يفكي لزعزة الأبهة البريطانية وإنهاك سطوتهم الطائشة. قام حيدر علي بتأجيج الثورة بعد ان انفثأت لفترات.
أصبح رحيل جيكاديفارايا وادايار موطن الهم لدى الرعايا حيث تكدست مشاكل الخلافة وخلقت سحبا قاتمة فوق سياسة ميسور. وكان حيدر علي معروفا بمهاراته التكتيكية وبراعته في استخدام الأسلحة مما جلعه مستحقا لاعتلاء عرش الحكم.
استشاط البريطانيون غضبا واستغلوا بالسوانح للنيل من حيدر علي وإنهاء 9حكمه فطلبوا النصرة من ماراتا ونظام حيدرآباد نظرا إلى العداوة بينهم وبين حيدر علي.

حرب أنجلو ميسور الأولى:
اندلعت هذه الحرب في 1767م ووضعت أوزارها في 1769م. قرر البريطانيون الإجهاز على حكم حيدر علي وتحالفوا مع أعدائه ماراتا ونظام حيدر آباد وظهر اتفاق ثلاثي الأطراف.. ولكن بسالة حيدر علي كسرت أحلام الاتفاق وغلبت على جيوشهم الكبيرة.

ورغم الانتكاسات التي جابهت حيدر علي تمكن من بسط السيطرة على معظم الأنحاء مما أقض مضاجع البريطانيين وذعرت جيوشهم التي زحفت كأحجار الأبابيل بلا هوادة. فاظطر البريطانيون إلى خلق هدنة مع حيدر علي وانتهت الحرب ب"هدنة ماداراس".

حرب أنجلو ميسور الثانية:
استعرت نار هذه المعركة حينما نكث البريطانيون هدنة مادراس ورفضوا مساعدة حيدر علي حينما هجم مادافا راو على سريرنغافاتنا وشنوا إغارة على ماهي، الاستعمار الفرنسي، الذي كان تحت سيطرة حيدر علي.

في البداية، كان النصر بيد حيدر علي حيث راح يفتح القلع والمناطق التي كانت تحت البريطانيين وامتلك أسلحتهم ومعدات الحربية. ثم واجه الخسارة في الحرب التي وقعت في بورتو نوفا مما أكسب البريطانيين الثقة ولكن ربقة التذبذب المالي تشابكتهم. وتوفي حيدر علي بسبب مرض أثناء الحرب ثم قاد ابنه تيبو سلطان الحرب.

أثار البريطانيون غيرة ملوك كاليكوت والمناطق المليبارية للهجوم على تيبو سلطان بسبب شحنائهم اللافحة معه. ولكن تيبو توسم عن هذه الأحداث ودافع عن منجلور والمناطق الساحلية. وانتهت الحرب في 1784 عن طريق "هدنة منجلور". 

حرب أنجلو ميسور الثالثة:
كانت ظروف تيروفاننتافورم السياسية الناجمة عن انتهاك هدنة منجلور سببا رئيسيا في إشعال هذه الحرب. انتشر البريطانيون في كشذرات الحشرات في جميع الممالك والقلع.

قام البريطانيون بهجمات عنيفة على قلعة سريرنغافاتانم مما تسبب لأضرار فادحة أدت إلى تكاليف باهظة لترميمها واضطر تيبو سلطان إلى تسليم نصف مملكته إلى البريطانيين ودفع أثمان تتمخض الأبعاء. وعلاوة على ذلك، لقد أجبر على رهن ولدين له حتى تسد الديون.

حرب أنجلو ميسور الرابعة:
بعد سداد الديون ودفع المبالغ الحتمية، تم إطلاق ولدي تيبو سلطان. وبعد تسليم الأقاليم والمناطق المدرجة في الاتفاقية، ادعى تيبو حقوق استيلائه على المناطق المليبارية التي كانت تحت البريطانيين. ولكنهم رفضو رفضا باتا.

وعندما أصبح فيليسلي جنرال الهند طلب تيبو المساعدة من فرنسا مما أوغر صدور البريطانيين. ولما فرضت على تيبو سياسة التحالف الفرعي ضاق به ذرعا وأعلن حرب أنجلو ميسور الرابعة.

نشبت الحرب في 1799. وتمكن البريطانيون من تخريب الحصون وتوفي تيبو سلطان أثناء الحرب في قمة بسالته.
 
وكان البريطانيون كأنهم بعثوا أحياء من الأجداث عندما رأوا تيبو صريعا شهيدا وزادت ثقتهم حتى اعتقدوا أنهم امتلكوا الهند. 

مقاومة ملكة كتور جينما وسنغولي راينا:
قام دالهوسي بتمرير مبدأ الانقضاء. ولما مس هذا المبدأ تربة كتور ثارت ملكة جينما وفارت في مناهضة هذه السياسة البشعة.

وطلبت جنيما المساعدة من الملوك المحلية. ولما كان عليها أن تتبنى ابنا لها لتولي الحكم بعد رحيل زوجها كان منهجها يتصادم مع مبدإ الانقضاء. وكان تاكراي جامعًا ووكيلًا سياسيًا للضباط البريطانيين في دارواد حينئذ. وحاول أن يسيطر على خزانة وحصون كتور باستناده إلى مبدإ الانقضاء. فكتب الرسائل إلى البريطانيين. ثم استعدت جينما للحرب وقتل تاكراي أثناء الحرب بالرصاص. وتم اتخاذ البريطانيين أسرى الحرب.

ثم لم حاول البريطانيون الهجوم من جديد خضعت جينما للخسارة وحاولت الهروب من ميدان الحرب ولكنها أسرت من قبل البريطانيين مع الآخرين من فريقها وتوفيت في السجن. ولا تزال تبقى مثلا يحتذى به ورمزا للمقاومة التي رسم منعطفا في طوايا سطور التاريخ.

وبقيت بصمة سنغولي رايانا مصحوبة مع اسم كتور راني جينما لأنه سعى كادحا لتحرير كتور من وطأة البريطانيين. كان مسجوناً مع ملكة كتور. 

كان سنغولي راينا تنتهب خزانة البريطانيين ويناضل ضدهم بقصارى جهده. وقد تم القبض عليه بطريق مخادع وتم إعلان كمجرم حتى تم شنقه وخر صريعا وأحيا بعد انتهاء عمره عمرا آخر في قلوب الهنود من ذكريات البطولة والمقاومة.

وثمة حكايات عديدة لمناضلي كرناتكا من المناطق الريفية. ولن تستوعبها هذه المقالة حيث تساوي مداد البحر إذا انمجت في الصفحات من قرائح الأدباء. هكذا رسم ثورة كرناتكا براعم الاستقلال وأتاحت حلبة النضال لانتصارات تبقى في صفحات التاريخ ذكريات حلوة.

أحمد شميل بن عبد الحيد الفيضي 
مركز دار النور التعليمي كاشي فطن كرناتكا






 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم