الهجرة النبوية: لمحات أضائت صفحات التاريخ الإسلامي

 


عندما كانت أمواج الظلمات تموج في كل مكان وتهب عواصف الظلم والعدوان في كل بقعة ولم يكن للعدل اسم ولا للأمن رسم وكانت الدنيا كلها عبارة عن الظلم والطغيان والضلالة والجهالة والغياهب والظلمات و لم يكن للسلام ساحل ولا للأمان سفينة ولد النبي المجتبى صلى الله عليه وسلم نورا وأملا وغياثا  فتبددت الظلمات وأشرقت الكائنات وتبسمت الأمهات وتلملمت الجروح وعادت طيور الأمن والسلام تصدح في السماء أناشيد السلام والحرية.كانت هجرة النبي صلى الله عليو وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة واحدة من أخلد رحلات التاريخ. قبل 1445 سنة لم تكن الطريق مفروشة بالورود وكان الظلم والشدة في مكة عامة وكانت البنات الصغيرة تولد وتدفن ولم يكن فيها العادلون الأصفياء وكان فيها الظالمون فقط. وما كان الأمراء إلا ليظلموا على الناس.

  في ذلك العصر، ولد النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وقد توفي أبوه قبل أشهر بولادته وقد ماتت أمه بعد بضعة أشهر بعد ولادته وكان جده الاعلى والعادل عبد المطلب يربيه ويرشده في عمره الصغير. عندئذ دعا النبي صلى الله عليه وسلم الكفار إلى دعوة الله سبحانه وتعالى فبدأ الكفار والمشركون يظلمون على المؤمنين و المسلمين ولكن لم يترك نبينا آخر الزمان أن يدعوهم إلى الإسلام ولكي يكون الكفار مسلمين وفي ذلك الوقت قد ذهب النبي صلى الله عليو وسلم وأصحابه إلى شعب أبي طالب خوفا من الكفار لأنه كانت تلك الأيام صعبة وعسيرة للمسلمين للتخلص من ظلم الكفار وعذابهم. بقى الصحابة رضوان الله عليهم ابتداء من محاصرتهم في شعب أبي طالب ومقاطعتهم اقتصاديا واجتماعيا لمدة ثلاثة أعوام متتالية.أكل فيها المسلمون أوراق الشجر من شدة جوعهم ثم جاء عام الحزن للنبي صلى الله عليه وسلم لأن عمه المربي أبو طالب مات وزوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنهما أيضا ماتت.

    ففي حزن العام أراد نبينا وقرر أن يذهب للطائف يدعوهم للإسلام ولم تكن أحوالهم أفضل من أهل مكة بل طردوا نبي الله صلى الله عليه وسلم وضربوه وأدموه وعاد مهموما إلى بلده كما تعرض من آمن به للتعذيب والتنكيل كما فعل بآل ياسر وبلال بن رباح رضي الله عنهم فكان أيضا ذلك سبب هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

    وقبل الهجرةإلى يثرب اجتمع الكفار على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يتشاورون ما سيفعلون بالنبي محمد وكان اجتماعهم في دار الندوة وهي بيت قصى بن كلاب. وبعد ذلك سافر أكثر الصحابة رضي الله عنهم وكان أول المهاجرين إلى المدينة المنورة أبو سلمة وزوجته رضي الله عنهما فقد هاجر قبل بيعة العقبة . ولم يبق فيها إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعليا بن ابي طالب رضي الله عنهما وهم منتظرون إذن الله تعالى بالهجرة .

      في ليلة الهجرة وفداء النبي صلى الله عليه وسلم أنزل الله تعالى وحيا إليه فأمره جبرئيل ألا يبيت في فرشه اللية ولذا جعل صلى الله عليه وسلم عليا بن أبي طالب خلفا له في فراشه ومتغطيا بنفس بردته وكانوا مجتمعين في بابه ولكن خرج صلى الله عليه وسلم وحفن في وجوههم حفنة تراب فعمي عليهم ولم يروه خارجا، وهو يتلو قول الله تعالى {فأغشيناهم فهم لا يبصرون }. وبعد ذلك ذهب إلى صديقه أبي بكر رضي الله عنه وصاحبه. وقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت والدها، فقد كان يأتيهم في وقت معلوم، لكن هذه المرة جاءهم على غير المعتاد، فعلموا أن هناك خطبا ما .

قال صلى الله عليه وسلم عن الهجرة فبكى أبو بكر رضي الله عنه فرحا شديدا لهذه الخبر وقد خرجا من مكة وكان خروجهما مئلما، إلا أن قيام الدين مقدم على كل شيئ. وكان النبي صلى الله عليه وسلم من خوخة أبي بكر رضي الله عنه ومكث صلى الله عليه وسلم وابو بكر في غار ثور ثلاث ليال. وفي ذلك اليوم أعلنت قريش عن جائزة لمن يأتي بخبر محمد وهي مائة ناقة وبعد نشر هذا الخبر العجيب قد علم سراقة بن مالك مرور النبي صلى الله عليه وسلم حتى وصل ولكن في طريق لم يستطيع فرسه المسير لأن قدماه غرز في التراب. وبعد ذلك الحادثة وصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة مع أبي بكر ونزلا في مكان يسمى قباء وكان ذلك اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول.

     ورأى أولا يهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مطلع المدينة فأخبرهم الخبر واستقبل أهل الأنصارين وأقام نبي الله صلى الله عليه وسلم مباشرة دولة الإسلام حيث قام بعمل بناء مسجد قباء وأقام فيها أربعة ليال، إقامة المسجد النبوي على هذا الأرض ومبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي أيوب الأنصاري، المؤاخات بين المهاجرين والأنصار كما أنها وحدت صفوفهم وتلاشت الطبقات الإجتماعية والإقتصادية. لقد الهجرة النبوية حدثا فاصلا في التاريخ الإسلامي حيث هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى يثرب التي أصبحت تعرف منذ وصول إليها باسم المدينة المنورة لأنها أصاءت بقدوم صلى الله عليه وسلم وأصحابه إليها .

    وهذا من التأثير البالغ الذي يتركه الإسلام في النفوس،  والهجرة النبوية ما هي إلا درس عظيم سطّر فيه المسلمون بقيادة الرسول عليه الصلاة والسلام أعلى مراتب الإيمان والصدق مغ الله والتضحية والوفاء وسطّر فيه الأنصار أسمى معني الإيثار والأخلاق الفاضلة والإنتماء وأن الإسلام يوحد الناس ولا يفرقهم ، وأن الدين كله لله.   ومن الدروس المستفادة أن العقيدة أغلى من البقعة وأن التوحيد أسمى من البلاد وأن الإيمان أثمن من الأوطان وأن الإسلام خير من كل الأديان.

   

ريحان  عالم

طالب مؤسسة قرطبة للتميز العلمي



إرسال تعليق

أحدث أقدم