كانت الهند تئنّ تحت نير البريطانيين وتواجه المظالم والفوضى والاضطهاد منذ مئات السنين بعد دخولهم الهند وسيطرتهم عليها، ولم يكن أحد يبذل الجهد والكد لإستقلال الهند من البريطانيين ولإنقاذ الناس من مظالمهم. فتقدم العلماء الربانيون إلى هذا المجال في خدمة هذه البقاع وفي حفظ هذه الدولةوبرز العلماء الربانيون كمنارة هداية ونور، يقودون الأمة نحو الحرية والاستقلال وكان هناك هدف واضح للعلماء في جعلها دولة مستقلة، وبلداً آمناً
قام العلماء بخدمات جليلة ودور مهم في هذا المقام بحيث لا تكاد تنسى الهند خدماتهم الجليلة واجتهاداتهم العظيمة على مدى الأيام والعصور. وأوذوا فيها أشد الإيذاء وعودوا فيها أشد العداء. وظلوا أمام هذه كلها صامدين ثابتين وقاموا بالحفاظ على دينهم وعقائدهم وحماية مساجدهم ومدارسهم ومراكزهم وأوقدوا شعلة الجهاد. تأجج بين جوانحهم عزة الإسلام وتوقد في أفئدتهم كبرياء الإيمان، وأخذوا أسلحتهم وطاروا إلى ميدان الجهاد ذرفات وحدانا
فأول من تقدم لحماية الهند ضد الحكومة الإنجليز الغاصبين هو شاه عبد العزيز الدهلوي، إذ أصدر فتوى في سنة ١٨٠٣ من الهجرة أن الهند قد أصبحت دار الحرب، لذلك يجب على الناس أن يجاهدوا للدولة. فانتشرت الفتوى بين الناس، وأخذ العلماء بالقرى والأرياف يحرضون الناس بالجهاد. وجعلوا يوقدون شعلة الجهاد في قلوب الناس ضد البريطانيين المستعمرين لإعادة الهند من الانحطاط الديني والثقافي إلى أصولها القديمة وإلى إنجازاتها الفائتة التي أحرزتها الهند في مدة حكومة الغزنويين وتغلق غير ذلك من الحكومات المسلمة المتطيبة. حكم فيها المسلمون عادلين نحو ثمانية قرون
جمع السيد أحمد الشهيد عصابة من المسلمين وروج هذه الفتوى في القرى والأرياف فطافوا في البلدان والمدن وأوقدوا شعلة الجهاد في قلوب الناس ورفعوا راية الجهاد، وأسسوا إمارة على منهاج الخلافة الراشدة. بدأ الجهاد والانقلاب لإنقاذ الوطن من براثن استعمار بريطانيين قطعوا الفلوات وضربوا أكباد الإبل في البكور والعشيات. وكان في مقدمهم الحاج إمداد الله المهاجر المكي والشيخ أحمد الجنجوهي والشيخ محمد قاسم النانوتوي والشيخ الحافظ محمد ضامن الشهيد وحسين أحمد مدني،محمود الحسن ديوبندي رحمهم الله، وساهم فيها العلماء الأبطال الآخرون بكل ما لديهم من قوة وحماسة ونشاط
استشهد فيها كثير من العلماء وسجن بعضهم واختفى بعضهم، ولكن لم تضعف قوتهم، بل بدأوا في حركة قوية تامة بحيث تبادر إلى أذهانهم حاجة بناء المدارس والجامعات وبناء العلماء الربانيين سلاحاً للكفاح. وأسسوا لذلك دار العلوم بديوبند تخرج منها فئات كبيرة من العلماء الأبطال ولعبوا دوراً عظيماً في تحرير الهند وفي حفاظها ديناً وسياسياً وفي تزكية الناس إيماناً وثقافياً. ولا تزال تخرج منها آلاف من العلماء كل سنة يخدمون في أنحاء الهند.
تبقى خدمات العلماء الربانيين ودورهم في تحرير الهند من الاستعمار البريطاني حاضرة في ذاكرة التاريخ، لا يمكن أن تمحوها الأيام.خدماتهم ظاهرة وواضحة أمام أعيننا لا نكاد نجحدها. حتى استقلت الهند بأنشطتهم العظيمة وتضحياتهم الكبيرة وبدعائهم الخالص من الإنجليز، فغيروا هذه الدولة التي كانت مملوءة بالظلم والهضم والجور والفساد إلى الأمن والسلامة والإصلاح
أيها القراء الكرام!
فبمناسبة ذكرى تحرير البلاد أوجِّه مقالتي الى الجيل الجديد لعل هذه تذكّر الشاب بالتضحيات العظيمة التي قدمها العلماء الربانيون في سبيل تحرير البلاد من نير الاستعمار. اليوم، بينما نتمتع بثمار حريتنا، نتذكر بفخر تضحياتهم ونسعى لنواصل مسيرتهم في بناء وطن آمن ومزدهر
أرشد النجمي