كيباتا بيران كتي مسليار؛الهيتمي من مليبار

 

إن تاريخ ولاية كيرالا مزدهر بالعلماء والعلوم المختلفة حيث إن لنا تواريخ وآثار متعددة تستحق أن نتفاخر بها. وقد مضى هناك كثير من العلماء الذين اشتهروا في ولاية كيرالا بقدرتهم الجلية وإسهاماتهم السنية في مجال التصوف،والشعر،والكتابة وغيرها.منهم الشيخ بيران كوتي مسليار كيباتا، عالم نحرير، وعبقري مشهور في كيرالا وفي مختلف أنحاء الهند.وكان مشهوراً في مجالات مختلفة مثل الكتابة وغيرها،وكان مؤلفا ماهرا، حتى حصل له لقب 'هيتمي مليبار' الذي يدل على فضله ومزيته.

 حياته ودراسته

 ولد الأستاذ نجلا لعبد الرحمن كوتي إيمينيكاداوات (Imminikkadavath) الذي كان المتولي الكبير وأحد الزعماء في قرية كايباتا (Kaipatta)،وأمه عائشة ابنة كنج محمد من ماتاثور (Mattathoor) مالابورام، وكان جميع السكان المحليين يسمونها معتزين بها اسم 'Thachumma '

 ولد بيران كوتي مسليار عام 1898 (1317 هـ). نشأ في البيئة الإسلامية وثقافتها. و في الوقت نفسه، كان بيران كوتي مسليار مهتما بالعلوم.

بدأ مسليار دراسته المادية الإبتدائية في مدرسة مابلا الحكومية بوينغرا(Vengara). وقتئذ التحق بدرس مركار مسليار، الذي كان عالمًا عظيمًا في بلدهم في مجال خدمات  العلوم الدينية والعقدية

 بدأ بيران كوتي مسليار دراسة الشريعة والمطالب الدينية بكل اعتناء و اهتمام. لذلك  اوّلا ذهب إلى درس أحمد مسليار الكايباتي. كانت من هناك بداية دراسته ورغبته في العلوم . و ذهب الأستاذ إلى أماكن شتى وكليات مختلفة مثل درس جمنكدو (Chemmankadav) ، و كودنجيري (Kodanchery) و كلية الجمالية بمدراس (Madras) وكلية دار العلوم بوازكاد (Vazhakkad). من السمات الجديرة بالذكر هذه الرحلات الدراسية التي قام بها الأستاذ الكايباتي مع تمام اهتمامه و حرصه على الطلب و نزعة التطلع والتتبع في موضوعات نادرة من العلماء المهرة و العباقرة فيها. فسعى كثيرا للحصول على التعلم في هذه الأماكن.          

أصبح مسليار طوال وقت مديد طالبا مرضيا من تلاميذ كنج أحمد مسليار الشاليلكاتي. وبعدها استقر لدى كنج محمد مسليار المعروف باسم 'بابتي مسليار' ، وهو من تلاميذ كنج محمد مسليار الشاليلكاتي. وكان زاهدا عالما نحريرا.

وبعدها ذهب إلى كنج أحمد مسليار الترنغالي (Tirurangadi). وهو عالم كبير الذي درس من حلقة درس الحرم الشريف المكي تحت الأستاذ الشيخ أبي بكر الدمياطي مؤلف الكتاب الشهير 'إعانة الطالبين' في مذهب الشافعي في الفقه.  لذا كان كنج أحمد مسليار عالمًا كبيرا خاصة في الفقه. درس الاستاذ كتاب 'التحفة' هناك لمدة عامين. 

أثبت الأستاذ جذور التحقيق من الشيخ محمد مسليار الكريمبانكالي (Karimbanakkal)، الذي وُصِف ب'المحقق' وقتئذ . كان  محمد مسليار عالما عظيما. كتب شروحات وتعليقات شتى على العديد من الكتب المتنوعة التي تدرس في محاضرات المدارس. 

وكان محظوظًا أيضًا بتلمذة النحرير محمد مسليار القطبي عمود سامستا كيرالا جمعية العلماء ومدرسة دار العلوم. حصل على الفرصة لدراسة المحلّي والتفسير والعديد من الكتب العظيمة من القطبي. وبها انتهت دراساته في مليبار على حد كبير.

ثم توجه الشيخ بيران كوتي مسليار إلى كلية الجمالية الشهيرة في تاميل نادو (Thamil nadu). و تم التبحر في المعرفة التقليدية والحديثة في جميع المجالات مثل الحديث والفقه والنحو والصرف والبلاغة (الأدب العربي) والفلسفة الإسلامية والمنطق وعلم المناظرة وما إلى ذلك.

كان أستاذًا متعدد اللغات، وصوفيًا، ومؤلفًا وعبقريا وفقيها و أصوليا أيضا. وبذلك كان يُعرف باسم "هيتمي مليبار".

على الرغم من أنه كان عالما عظيما، إلا أنه لم يكن لديه قبح من الخلق مثل الأنانية و الكبر. وكان يطلب العلم ويتعلمه حتى من الأصغر منه. ذات مرة،  قال المحقق الأستاذ الكنّياتي طيب الله ثراه :  " أن بيران كوتي مسليار وان كان اكبر مني في السن وقد قرأ عني 'الأقليدس'. في هذا الوقت لقد استفدتُ منه منافع و معارف كثيرة التي لا أفهمها ولا ادرسها قبل.   

وكان أيضًا ماهرا في العديد من اللغات. يعرف سبع لغات مثل الأردية والعربية والإنجليزية والفارسية والسنسكريتية والتاميلية. ومن الدليل على ذلك كتبه المحفوظة باللغات المختلفة الموجودة في مكتبة كيباتا. تجدر الإشارة إلى قاموسين عظيمين صنعهما الأستاذ.

 ومنها العديد من الكتب في فنون مختلفة مثل التفسير والحديث والتاريخ وغيرها. وفي اللغة الأردية أيضًا التي تمت كتابتها بأيدي الأستاذ كيباتا. منها كتاب المساعدة لتعلم اللغة الاردية لمتعلمي اللغة الأردية كتبها الاستاذ. 

بعد الدراسة لمدة طويلة في دار العلوم بوازاكاد ، دخل في مجال التدريس ببداية الخدمة في مسجد الجامع بارابور (Parapur) في كوتاكال (Kottakkal)، ثم في مسجد كولابورام (Kolappuram) ثم في مسجد  إيرومبوجولا (Irumbuchola). انتهى بخمسين عامًا طويلة من التدريس بسبب اعتلال الصحة بسبب الشيخوخة. اماكن كولابورام وباتانا (Padanna) وكلية كايامكولام (Kayamkulam) الحسنية وبونمالا (Ponmala) وبونماندام (Ponmundam) من الأراضي التي انتشرت فيها معرفة هذا الأستاذ المحقق المدقق.

 كان ذهابه إلى الجامعة الإسلامية في ولاية غوجارات (Gujarath) حينما يدرس في كولابورام. كان ذلك خلال  عام 1947-1948. وصف التلميذ كونجي صوفي مسليار عن رحلة الأستاذ كما يلي: "لم يخبرنا الأستاذ عن مثل هذه الرحلة. وبعد مغادرة الأستاذ، حصلت على رسالة من صندوقه. وكانت على النحو التالي: "أنا أذهب إلى سورات (Surath) في ولاية غوجارات لاكتساب المعرفة. فيجب تعيين كونجي صوفي  مدرسا بدلاً مني. آمل أن تحفظ هذه الكتابة". وبعدها قام التلميذ بذلك الدرس بدلاً من الأستاذ. فتخصص الاستاذ من ولاية غوجارات في الحديث والأصول.

ومن هنا أخذ الشيخ من شمس المحقق تلميذ بارز لعالم الحديث الشهير أنور شاه الكشميري ومن شبير أحمد عثماني مؤلف كتاب فتح الملهم بشرح صحيح مسلم. تمت دراسة الجزء الأول من صحاح الستة بعمق من قبل هؤلاء الأساتذة العظماء

أثناء دراسته في الجامعة الإسلامية، اشتغل بالكتابة والتفكر ليلًا ونهارًا، و حصل على عناية خاصة من الأساتذة والطلاب حتى من شمس الحق.

بعد ثلاثة أشهر، أصيب كايباتا أستاذ بمرض خطير. ورغب العودة منها إلى وطنه لشدة مرضه. و أذن له اساتيذه فقالوا : "إذا كنت مستعدًا للوقوف هنا، فمن الممكن إحضار أطباء من دلهي لعلاجك". ولكن ، غادر الأستاذ إلى وطنه.

ومن الأساتيذة المشهورة: مولانا محمدار عالم صاحب و السيد علوي كويا الشرشلي و مامووتي مسليار الكرمباناكالي و كنجين مسليار الشرشلي و كنج أحمد مسليار الكوتانيشيري ، و كان المحقق الأستاذ الكانياتي وتاج العلماء صدقة الله  مسليار من أبارز زملائه.

وتلاميذه أيضا مشهورون عباقرة. منهم عبد الرحمن مسليار البانايكلامي و محيي الدين مسليار الفنملي و أحمد مسليار الكيباتي مدرس في ناندي دار السلام و بيران كوتي مسليار الوالكلامي و بيران كوتي مسليار الشرشلي و الشيخ عبد الرحمن حضرة  مدرس باقيات الصالحات بولور و رئيس العلماء الشيخ سليمان مسليار مدير كلية احياء السنة بأوعوكونغال .


أهم مؤلفاته: رسالة التنبيه، الورقات، مدى وسيلةالفقهاء، البراهين لرسالة المراديني، عقائد شتى.


وفي يوم الجمعة 15 فبراير 1998، الموافق 17 جمادى الآخر، انتقل إلى رحمة الله. 

 *محمد حسب الله ماتاي*

إرسال تعليق

أحدث أقدم