أتنزل الملائكة لهذا العمل ؟


الحمد لله الذي أنزل القرآن على حبيبه المصطفى وألبس أمته لباس الصفا ووعدهم في القيامة للجزاء والوفاء، ودعا حبيبه للقاء إلى .السماء، أما بعد

الأذان والإقامة لهما مقام مميز في الشريعة الإسلامية حيث يقول الله سبحانه تعالى في شأنهما في محكم آياته وهو أصدق القائلين "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين". فالأذان مما يدعو الناس إلى عبادة ربه للصلاة الموقوتة وهو الذي يدعو الخلائق إلى الفلاح والخير والهدى ويبدي عبره  سعادة الآخرة السرمدة، ولكن هناك أسئلة متعددة  أكان رسول الله يؤذن للصلاة المفروضة في مكة؟  أم  تتنزل الملائكة من السماء لهذا العمل؟ أأذن رسول الله بنفسه أم لا؟  أكان الأذان حينما فرض الله 
الصلاة على أمة محمد أم لا.

 دعني أن أبين،  إذا نظرنا ودققنا النظر على صفحات التاريخ القديمة نستطيع أن نرى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون الناس إلى الصلاة بنفوخ الناقوس.
كما ورد  في الحديث الشريف أن المسلمين حين قدموا المدينة اجتمعوا على مشاورة دعوة الرجال إلى الصلاة ! فاستشاروا  في ذلك. فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال البعض بل قرنا مثل قرن اليهود فقال عمر رضي الله عنه أولا  تبعثون رجلا .ينادي بالصلاة فقال رسول الله يا بلال قم فنادى بالصلاة

وهناك حكاية أخرى أن زيد الأنصاري رأى في المنام رجلا مناديا ينفخ ناقوسا، فقال أيها الرجل هل تبيع هذا ؟ فقال الرجل ماذا تفعل بهذا ؟ فقال نحن ندعو الناس بها إلى الصلاة. فقال أولا أنبئك بخبر ؟ قال قل بفضلك !  فقال الرجل كلمة الآذان،فلما أصبح ذهب زيد الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال كلما رأى في المنام فقال رسول الله لاحقا وأمره أن يذهب ببلال إلى المسجد فلما سمع عمر بن الخطاب صوت الآذان فخرج من بيته فرحا وسرورا إلى السيد المختار وقال يا رسول الله إنك بعثت بحق قد رأيت أيضاً 
.في  المنام فقال رسول الله الحمدلله
 
إن شريعة الأذان والإقامة قد شرع في السنة الأولى من الهجرة في المدينة بعد تمام المسجد النبوي وقد أشير هذه النقطة المهمة في الكتاب المشهورة مراقي الفلاح.بل الأمر الذي لفظته الأمة، كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في المكة بغير الأذان والإقامة ؟ أتنزل الملائكة لهذا العمل ؟ فالجواب لديكم ! أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدى الصلاة بغير الأذان والإقامة.  ليس هذا أمر عجيب ولا فعل غريب لأن الآذان كان أشد ضرورة حينما أكد الصلاة بالجماعة في وقت معين وفي مكان معين وهذا غير 
ممكن دون الآذان 

وقال شاه ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة" لما علمت الصحابة أن الجماعة مطلوبة ومؤكدة ولا يتسير الاجتماع في زمان واحد ومكان واحد بدون إعلام وتنبيه، فذلك الوقت كان الأذان أشد 
ضروري"

وهناك تبدو حكمة إلهية أن الكفار والمشركين كانوا يشدون على المسلمين ظلما شديدا ويبرحون تبريحا مؤلما على المؤمنين ولهذا لم يوفقوا للاجتماع في مكان واحد للصلاة قارنا بالأزمنة المتتابعة 
وقال إمامنا وعاشق حبيبنا وحامي ديننا ومجدد ملتنا الإمام أحمد رضا- كان صاحب الفتوى الرضوية وشاعر النجوى- في رسالته المسمى 'شمائم العنبر في أدب النداء أمام المنبر' "على أن صلاته 
بمكة كانت قبل نزول الآذان.
 
وهناك مسئلة شائعة في ما بيننا على أن الآذان يكون خارج المسجد  ! أي في فناء المسجد لا داخلها !  هناك بحث عميق في هذا الموضوع.قال السيد أحمد طحاوي في حاشية مراقي الفلاح "يكره أن يؤذن في المسجد" وقال علامة كمال بن الهمام في فتح القدير "لا بد أن يكون الإقامة في المسجد، وأما الأذان فعلى المؤذن فإن لم يكن، ففي فناء المسجد" وقال علماء الأحناف يكره الأذان في المسجد. 
ولكن يختلف أفواه الناس فيه اختلافا ، إنهم يقولون على أن الأذان والإقامة كلاهما سواء يترسل في الأذان و يحدر في الإقامة ، فلما تنفذون حكما خاصا للأذان؟ . فيدلل العلماء الأحناف في رد هذا القول بآيات الله سبحانه وتعالى" يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي  ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالهم وأنتم لا تشعرون"- "إن الذين يغضون أصواتهم  عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم"  أي وعد الله بالجزاء لمن يغض صوته وبالعذاب لمن يرفع صوته لدى حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان تعظيم مقام رسول الله هكذا فما يكون تعظيم مقام الله سبحانه وتعالى ! فهذا دليل واضح راجح على أن الأذان بارتفاع في داخل المسجد ممنوع، فقال صاحب در المختار الإمام حصكفي رحمة الله عليه "ويكره رفع  صوت بذكره" أي إذا كان ذكر الله كره بصوت في المساجد فكيف يجوز الأذان وهذا ليس ذكر خالص بل هناك حيلتين التين ليس من ذكر الله تعالى. 

عبد الرزاق بن نور
باحث في جامعة دار الهدى الإسلامية

  

إرسال تعليق

أحدث أقدم