الدولة العثمانية بين خطواتها التاريخية


 الدولة العثمانية، هي أقوى الإمبراطوريات الإسلامية بقيت أزمنة طويلة،واستمرّت قيادتها للعالم الإسلامي، من ١٢٨٨م إلى ١٩٢٣م، لنحو مدة ستة قرون ونصف، تأسست هذه الإمبراطورية من قبل قبيلة البدو التركية. بممرّ الأيّام انتشرت هذه الدولة كثقافة متعددة وتبوأت مكانا عاليا للفن والعلوم في التاريخ .

   
بدأ الحكم العثماني من قبل عثمان خان (١٢٨٨-١٣٢٦م)، زعيم القبيلة البدوية التركية. كانت منطقتهم متابعة ل'كابيسانثيا'.  كان عليهم حشد القوة لمقاومة الهجوم البيزنطي بسبب أن منطقتهم كانت موهوبة من قبل السلجوقيين. كان نجل عثمان خان أورخان(١٣٢٦-١٣٥٩م)  قائدا عسكريا استراتيجيا وزعيما سياسيا مخلصا. غزا أورخان 'بورصة' المجاورة وشكل جيشا منظما لأول مرة في تاريخ العالم. هذا الجند المشاة مشهور باسم 'يانيساري'. جعل أورخان 'بورصة' عاصمته وحولها إلى مركز تجاري، كان هذا أول دخول المسلمين إلى أوروبا الشرقية.
    
كان مراد الأول(١٣٥٩-١٣٨٩م) وبايزيد(١٣٨٩-١٤٠٢م) خلفي أورخان، الحاكمين اللذين يستحقان دورا عظيما في توسيع الإمبراطورية العثمانية. نجحا في هيمنة 'البلقان'، وتمكنا في زيادة حجم الإمبراطورية أكثر من خمسة أضعاف ما كان عليه من قبل. أصبح طريق التجارة إلى 'القسطنطينية' تحت سيطرتهم، لم يفز العدو بأي من المعارك التي خاضها لاستعادة السيطرة عليها.ومن الجدير بالذكر هنا، بحلول القرن الرابع عشر، أصبحت الإمبراطورية العثمانية معقلا عظيما، حيث صار السلاطين أقوياء اقتصاديا وعسكريا وسياسيا. وتطور هيكل السلطة الملكية مشابهة لهياكل الأوروبية والبيزنطية.

تصادم بايزيد مع ممالك مصر وتشاجر مع تيمور، كان هذا الشجار دون إدراك قوة العدو نكسة كبيرة عليه، سجن في حرب أنقرة عام ١٤٠٢م، وتوفي في العام التالي، خلق هذا الانطباع لأن تحطم الإمبراطورية العثمانية.بعد بضع سنوات من عدم اليقين والانقلاب، ظهر محمد الأول( ١٤١٣-١٤٢١م) ابن بايزيد كحاكم قوي واستعاد المجد الضائع للإمراطورية العثمانية، كان محمد الأول ناقدا أدبيا مستنيرا وحاكما عادلا، أعطى الأولوية لرفاهة الشعب. عاد العثمانيون إلى طريق التطور الإمبريالي في عهد مراد الثاني (١٤٢١-١٤٥١م) ابن محمد، في عام ١٤٣٩م قام بضم 'صربيا' إلى الإمبراطورية العثمانية. كان هذا استفزاز الحملة الصليبية الأخيرة، تم تدمير الصليبية في معركة 'فارنا'.

محمد الفاتح بن مراد الثاني أعظم العثمانيين، (١٤٢١-١٤٥١م) كان قهر القسطنطينية في ٢٩ مايو ١٤٥٣م بمثابة نقطة تحول في التاريخ، سماها 'اسطنبول' وجعلها عاصمته. تم منح إعفاءات ضريبية خاصة للتجار والحرفيين، المدينة التي كانت على وشك الانهيار أعيد بناؤها، توسعت حدود الإمبراطورية شرقا وغربا. وساهم الفاتح في وضع دستور للإمراطورية، اشترى كاتدرائية محلية، وجعلها مسجدا ، معروفا باسم 'آيا صوفيا'.

أعطى بايزيد الثاني (١٤٨١-١٥١٢م) الضوء الأخضر للأمن الداخلي والسلام، متدينا، منع الاحتلال الأوروبي من المشهد الثقافي. خلال فترة حكمه، سيطر العثمانيون على السطوة البحرية على البحر الأبيض المتوسط، في عام ١٥١٢م،أجبر على التخلي عن السلطة لابنه سليم. كان سليم (١٥١٢-١٥٢٠م) صاحب رغبات لا تنتهي، تطلع إلى أن يكون حاكم العالم كله. لقد قتل كل من تحدوه، وسع الإمبراطورية بغزو 'سوريا و'إيران'. تركت الخليفة العباسي الخلافة السادسة خلال احتفال في اسطنبول، أصبح العثمانيون القوة المهيمنة في البحر الأبيض المتوسط. كان سليم حريصا بشكل خاص على جلب الفنانين والمهندسين المعامرين من الأراضي المحتلة إلى تركيا واستخدام مواهبهم.

يعرف سليمان (١٥٢٠-١٥٦٦م) نجل سليم بأنه أشهر حكام العثمانيين، يصفه الأوروبيين بأنه مهيب والأتراك يسمونه مشرعا. يمثل عهد سليمان تتويجا للتطور الثقافي للخلافة العثمانية، كانت المجر وفيينا والجزائر وتونس محاصرة واستولى عليها العثمانيون، في عام ١٥٤٠م هزمت قوات الحلفاء لأوروبا في حرب المنفي. أدى عهد سليمان إلى نمو ملحوظ في التجارة والزراعة والعلوم والفنون في تركيا، أحضر في نظام قانوني معطاء.وفي الآونة الأخيرة، عاش حياة محبطة والتنحي عن السلطة، سقوط العثمانيون هي قصة خلفائه.لم يحكم سليم الثاني (١٥٦٦-١٥٧٤م) ابن سليمان إلا ببراعة رئيس الوزراء محمد باشا، أدى ضعف السلاطين وكفاءة الوزراء تدريجيا إلى انتشار الفساد البيروقراطي، كانت هذه بداية الانهيار للإمبراطورية العثمانية. أصبح السلاطين الأقل حكما مدمنين على الكحول وعشاق الرفاهية.

يقال أن محمد الثالث (١٥٧٤-١٥٩٥م) ابن سليم الثاني، فشل في محاولة للاستيلاء على 'قبرص' وهرب إلى خليج 'ليبانتو'. في بداية القرن السابع عشر، قام السلاطين العظام عثمان الثاني(١٦١٨-١٦٢٢م) ومراد الرابع (١٦٢٣-١٦٤٠م) بتصويب الأمور. وإن رئيس الوزراء محمد كوبريلي (١٦٥٦-١٦٦١م) ونجله أحمد كوبريلي (١٦٦١-١٦٧٦م) حكموا بامتياز، على الرغم من فقد نجحوا جزئيا فقط في نتظيف المناطق الداخلية، في عام ١٦٨٣م هزم في حصار فيينا الثاني.

عام ١٦٩٩م هو علامة فارقة في تاريخ سقوط الإمراطورية العثمانية،  في عام ١٧١٨م، فقدت تركيا معظم أراضيها بموجب معاهدة 'باساروفيتش'. أدت الحرب مع 'روسيا' خلال (١٧٦٨-١٧٧٤م) أيضا إلى تسريع سقوط العثمانيين، في الوقت نفسه، في عهد السلطان أحمد الثالث (١٧٠٣-١٧٣٠م) تعرضت تركيا ثقافيا سريعا للقمع الأوروبي.

لا شك أن لخلافة العثمانية دورا بالغا وأثرا عظيما في وجود الدعوة الإسلامية حول العالم، وعملت الإمراطورية العثمانية ملبيا لتطلبات الأوقات ومراعيا لتغيرات الأوضاع والظروف، انتهت خلافة العثمانية التي كان لها تأثير إيجابي على العالم الإسلامي بالحرب العالمية الأولى.

صفوان

كلية دار الرحمة للآداب والعلوم الإسلامية

إرسال تعليق

أحدث أقدم