كيف تغتنم ذرات الذهب الضائعة في يومك؟

  يُروى أنه كان رجلا يعمل في استخراج الذهب، فكان من حرصه أنه في نهاية اليوم يأتي بمنشفة قدد بللها بالماء ويمسح فيها رجليه، حتى تعلق بها ذرات الذهب المتبقية من عمله، ليجمع منها مصروفه اليومي، هكذا جاء في إحدى القصص الرمزية. 

  تخيل معي أنك مكان هذا الرجل: كم ستجمع من الذهب إذا حرصت على هذه الذرات اليومية المتناثرة من عملك؟ وكيف ستزداد ثروتك بسبب هذه الذرات فقط؟ بل قد تستطيع أن تبني بيتا بسبب تلك  

الذرات اليومية. 

  نحن في حياتنا اليومية نلقي الكثير من ذرات الكنوز التي هي أغلى من الذهب: الدقائق المتناثرة التي تضيع منا في يومنا دون أن نستفيد منها، نضيع دقائق هنا ودقائق هناك، دقائق في ذهابنا وإيابنا للصلاة وفي طريقنا للعمل وفي أوقات الانتظار وفي طريقنا للزيارات في صلة الرحم، نضيعها ولا نستفيد منها.

  فلو أحصيت هذه الدقائق آخر اليوم ستجد أنك تهدر ما يزيد عن ساعة لو وضعتها في مشروع من مشاريع عمرك ستصبح من المفلحين

أو الناجحين.

 

  وإليك ستة مشاريع نافعة لو وضعت فيها تلك الدقائق المتناثرة في يومك سيرتفع صرحك ويعلو قصرك وتعظم مكانتك وترتقي شخصيتك.

  أولًا: قراءة القرآن الكريم وحفظه: تستطيع أن تستفيد من تلك الأوقات في قراءة وردك من القرآن إذا كنت حافظا، فلا تحتاج للنظر في الهاتف، ولقد كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يفعل ذلك في وقت ذهابه للصلاة، وتستطيع أن تحفظ القرآن فقط في أوقات ذهابك  وإيابك من الصلاة فلو حفظت خمس آيات في تلك الأوقات الخمسة ستحفظ القرآن في قرابة خمس سنوات، انظر خمس سنوات فقط وهناك من قد يقضي عمره كله ولا يحفظه.

  ثانيا: حفظ المتون العلمية: تستطيع مثلا حفظ حديث واحد من بلوغ المرام في وقت ذهابك وإيابك لصلاة العصر لتنهي الكتاب في خمس سنوات، وتحفظ سطرين من زاد المستقنع في وقت ذهابك وإيابك من صلاة العشاء لتنهي الكتاب في خمس سنوات أيضا، وعندك بقية الأوقات تستطيع أن تضع فيها متونا أخرى وفقا لهمتك.

  ثالثًا: القراءة تستطيع أن تقرأ في أوقات الانتظار المزيد من الكتب النافعة، عبر الكتب الورقية وعبر الهاتف المحمول، والأفضل أن تقرأ في الكتب التي لا تحتاج لكثير من التركيز مثل كتاب المقالات النافعة ككتاب مقالات كبار كتاب العربية للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد أو فيض الخاطر لأحمد أمين أو صيد الخاطر لابن الجوزي، والدروس الفقهية من المحاضرات الجامعية للشيخ ابن عثيمين رحمه الله والتفسير الميسر أو المختصر في التفسير، كلها كتب تصلح للقراءة في أوقات الانتظار، هذه الكتب التي لا تحتاج كثير من التركيز وهي تزيد  

من علمك وترتقي من ثقافتك. 

 

  رابعًا: ذكر الله: وذكر الله له مكانة عظيمة وشرف كبير، فتستطيع أن

تأتي بالأذكار المقيدة كأذكار الصباح والمساء في أوقات العودة من صلاتي العصر والصبح وفي الأوقات الأخرى تستطيع الإتيان بالأذكار المطلقة كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.

  خامسًا: حفظ الاشعار النافعة، تستطيع أن تحفظ بيتا أو بيتين كل في يوم في بعض هذه الدقائق الضائعة كحفظ تائية ابي إسحاق الإلبيري وهي قصيدة نافعة مليئة بالمواعظ والحكم، وتستطيع أن تحفظ المعلقات السبعة لتبدأ بمعلقة عنترة وهي أسهل السبع، وحفظ المعلقات تعينك على ثراء مفرداتك العربية وتقوية لغتك.

  سادسا: التفكير وهذا من أعظم المجالات النافعة في الدنيا والآخرة، ولقد جعل الله في العقل قدرة عظيمة على التفكير إذا استطاع المسلم أن يستغله استغلالا نافعا، فتستطيع ان تضع عقلك ليفكر في تلك الدقائق الضائعة، فلو كنت كاتبا فكرت في موضوع جديد، ولو كنت رب أسرة فكرت في الارتقاء بأسرتك، ولو كنت عاملا فكرت في علاج مشكلات عملك، وإن كنت داعيا فكرت في سبل والارتقاء بدعوتك والتخطيط لها وعلاج مشكلاتها. 

  قيمة الوقت لا يعرفها إلا المفلحون لذلك يحرصون على جميع لحظاته ليتقربوا به عند ربهم وتعلو بهم منزلتهم في الدنيا والآخرة، ضعوا شيئا من تلك المشاريع في دقائقكم اليومية الضائعة لعلكم تكون من  

المفلحين.

  فكرة بسيطة جدا، لكن أثرها في الحياة والنفس عظيم، كم ستعود عليك الفكرة من التغيير والتطوير لو وضعتها في دائرة التنفيذ ولعلكم

تذكرون ما أقول لكم وتحمدون فكرتي وتقولون جزاه الله عنا خيرا. 

 

أحمد نصيب علي حسين

باحث مصري


إرسال تعليق

أحدث أقدم