العالم الإسلامي كان في يوم من الأيام مركزا للعجائب الفكرية
وللدهشة العلمية. وشهد العالم عديدا من الاختراعات العلمية والاكتشافات الرائعة. كانت الأندلس ينبوعا مثل هذه العجائب والخوارق. وهي حديقة على وجه الأرض الرحيب خلال التاريخ الإسلامي لأوربا.كانت الأرض المعنية مباركة وميمونة بالحدائق والجبال والوديان والأنهار التي جعلت الأرض خضراء ومثمرة. لا تقتصر هذه الوصوف الساحرة على الجمال الطبيعي ، بل كانت في مجال العلم والمعرفة. كانت قرطبة وإشبيلية وغرناطة منارات شامخة حيث تشعل شموع العلم التي تروي عطش العالم للعلوم والمعرفة.
تقدمت الأندلس وتطورت في جميع المجالات كالمجالات التجارية والعلومية والصناعية والطبيعية والطبية والعسكرية. وحققت أيضا إنجازات في الزراعة والتجارة.ومن الحقائق التي لا يؤمن بها كثير من الناس أن الأندلس نشرت أشعة النور في العالم الذي وصف في تلك المدّة بأنها العصر المظلم للتاريخ.وأن عبقريي العالم اليوم يروون عطشهم من ضفاف الأنهار للعلوم التي أنتجتها وأنبتتها الأندلس.
. هناك آية رائعة جذابة باهرة في تاريخ الأندلس، يمكن للمفكر أن يفهمه ويعلمه لإدراك حياة الأسلاف وتجاوز الإخفاقات المتألمة واستعادة التألق والعز المفقود.ثماني سنوات من التقلبات بالصعود والهبوط.ثم هبط كل تقدم وتطور وازدهار من أيديهم حتى أضيفت إلى الآخرين.أما عدم تذكر الإنجازات العديدة التي حققتها الأندلس سيكون خطأ فادحا في قراءة التاريخ. منها خزينة الأندلس 'قرطبة'. وهي تعد مركز العلوم والثقافة الإسلامية التي تأتي إلى ذهـون المسلمين عندما يتذكرون تطور مسلمي الأندلس.
قرطبة : مقر عجيب في التاريخ
لكل ثورة بؤرة مأثُرة، تتغير صلابة الثورة باعتماد على تلك البؤرة المأثرة، قرطبة هي بؤرة لثورة العلوم في الأندلس،وهي مدينة .حسناء تقع على الضفة اليمنى للوادي الكبير عند سفح سيير. فتح الأمويون مدينة 'قرطبة' بأيدي القائد المغربي 'طارق بن زياد'في سنة ٧١١م. يظهر التاريخ أن أذكياء إسبانيا وحكماءهم كلهم كانوا متركزين في مدينة قرطبة.
كانت قرطبة في يوم من الأيام خزينة الثقافة الإسلامية والعلمية والتجارية وغيرها. وكانت إسبانيا منطقة تحكمها سلالات مختلفة. ، من البداية إلى النهاية. أولا جاء القرطاجيون ثم حكم الرومان، تبعهم القوط، وبعدهم جاء المسلمون ثم النصارى. وفي الحقيقة، مع أنّ إسبانيا قد تلقت مساهمات عدّة في جميع الأنظمة في الأزمنة المختلفة، إلا أن البلاد لم تتلق أبدا من الازدهار والمساهمات من أي نظام آخر كما كانت خلال المدّة الحكومة الإسلامية حيث قاد شعب إسبانيا حينها العالم بعلمهم وحكمتهم ووجهه إلى الفوز و النجاح و .جاء بنور العلوم إلى أوربا عبر الحكم الإسلامية.
احتلت مدينة قرطبة مرتبة فائقة مع المدن العظيمة في العالم أو تفوقها في مجال العلوم والفن والحضارة والثقافة. أنتجت كثيرا من الأذكياء الحاذقين الماهرين منهم ابن حزم، و ابن عبد البر وابن العربي من العلماء الدينية و ابن رشد و ابن طفيل من الفلاسفة، والزراحي وابن زهار من العلماء الأذكياء والخطيب و ابن عبد الرب من المؤرخين وابن زيدون وابن عمار من الشعراء، جميعهم مساهمون في مجالاتهم في هذه المدّة الذهبية.
كان عدد سكان قرطبة واحد و نصف مليون نسبة في وقت التوسع الإسباني. وهناك حوالي ستون ألف طابق ومائتا ألف قصر مرتفع وكثير من الحمام والمساجد والمتاجر والمصارف تحت الأرض لتصريف المياه القذرة ونوافير وأضواء الشوارع في المدن. بالخلاصة, كانت مدينة قرطبة مثل نيويورك والمدن الأوروبية اليوم لشعوب الدول الإسلامية. لم تكن هناك مدينة أخرى في العالم مساوية لقرطبة غير بغداد. وكذلك تطور كثير من المدن مثل إشبيلية وغرناطة وفالنسيا. للأندلس أشياء كثير يمكن أن تكون قوة دافعة لجيل جديد. على وفق ذلك علينا أن ننظر إلى بعض الإنجازات التي حققتها الأندلس في ذلك المدّة الذهبية
الأندلس كنز الإنجازات
على الرغم من كونها موطنا للجنسيات والأديان المتنوعة ، فإن في الحقيقة أن العرب لعبوا دورا مهما في تشکیل تاريخ الأندلس.وهي حقيقة حازمة وثابتة و صادمة لا يمكن إخفاؤها. وصلت إلى الارتفاع والعلو في كل مجال وبكل طريق. كان التقدم الذي أحرزته الأندلس في مجال التعليم يفوق ما يمكن أن تتخيله من المناطق العديد في اليوم.
كانت المساجد مركزا ثقافية وتعليمية وإدارية للمسلمين، يصرح 'توماس أرنولد' في كتابه ''الخلافة " عن مكانة المساجد في الحياة الاجتماعية للمسلمين. المساجد ركزت للحياة السياسية والاجتماعية والإسلامية وتدرّس فيها اللغة والدين. ويتم تدريس التعليم الابتدائي وتلاوة القرءان والكتابة والشعر في المساجد. اهتمت الأندلس بشكل خاصة بتعليم المرأة. أن النساء المسلمات الأندلس لم يتأخرن كثيرا من مجالات التعليم والثقافة.كانت لهن الحرية ومكانة عالية في المجتمع في حكم الأموية و بعدها.
اتسع مهارات القراءة لدى المسلمين في إسبانيا کما اتسع العلوم والكتابة. كانت توجد مكتبات فاخرات بالقرب من الجامعات. قام محمد الأول ببناء المكتبة التي أقيمت بالقرب من جامعة قرطبة. انتشرت المكتبات في الأندلس كما انتشرت المسارح في اليونان و روما.ألقوا العرب نور العلوم في أوربا وفي العالم العلمية. ازدهرت العديد من فروع العلم في الأندلس، وحققت الأندلس المسلمة إنجازات تحسد عليها في مجالات الرياضيات والعمارة و الفلسفة والطب والكيمياء وغيرها.
،قدم الحكماء الذين حكموا الأندلس بالعدل والقسط لفترات مختلفة مساهمات وافرة لا تقدر بأي ثمن وقيمة في التطور الفكري والعلمي. وتعرف الأندلس بالاختراعات الجديدة والاكتشافات العدّة. اخترعت في تلك المدة الذهبية المطبعة وأعطت زخما للنمو الثقافي في العالم وتم طباعة وتوزيع الأوامر الحكومية في الأندلس. كان 'ابن الحاج'، الذي عاش في أوائل القرن الثامن الهجري, مهندسا عبقريا حاذقا مشهورا بمساعدة الآلة. يمكن جلب الماء من مسافة بعيدة لخدمة للمجتمع. وربط 'عباس بن فرناس' ريشة بجسده وحلق من
أعلى البرج وأظهر للعالم أول نموذج للطائرة اليومية.
شهدت الأندلس إنجازات ثورية. لا يمكن أن يبعدها لأحد، لأن نطاقها ومدى تأثيرها واسع،بل في وقت لاحق، صمم الأوروبيون معظم اختراعاتهم اعتمادا على عبقرية الأندلس المسلمة. على الرغم من طرد المسلمين من إسبانیا ، فإن مساهمتهم ستظل حية في ذاكرة العالم في كل حين وآن،ستبقى الأندلس إلى الأبد في العالم كالشمع .التي انطفأت بعد الإضاءة
محمد صفوان
طالب في كلية ناتكل مقام للآداب والعلوم الإسلامية