الشيخ أنور عبد الله الفضفري وكتابه تنوير العينين بشرح تفسير الجلالين

 
مقدمة

ولاية كيرالا لها مكانة رفيعة لإنجاب عديد من العلماء الأجلاء في شتى مجالات العلوم الإسلامية والسبب الرئيسي لذلك علاقتهم الراسخة بأبناء العرب وثقافتهم ولغتهم وتراثهم ولا تزال تستمر هذه العلاقة المتينة بهذه البلاد العربية الإسلامية، جدير بالذكر أن كثيرا من الوفود بما فيهم العلماء والتجار جاءوا إلى سواحل كيرالا واستوطنوا هذه الأرض ينشرون العلم والثقافة ويدعون الناس إلى دين الله الإسلام ومن أهمهم أسرة الفضفري التي تسكن في قرية بدينجاتموري، ضاحية فضفر والتي قدم جدها الأول صيفي أبو محيي الدين- هو من أبناء العرب الذين انتسبوا إلى جماعة مالك بن دينار المشهور  القادم إلى كيرالا بدعوة الإسلام- إلى هذه القرية قبل أربعمائة سنة تقريبا وأنجبت هذه العائلة الفضفرية عديدا من العلماء والشعراء البارزين وعلى رأسهم
الشيخ يوسف الفضفري المتوفى سنة 1918م
الشيخ عبد القادر الفضفري المتوفى سنة 1944م
الشيخ عبد الرحمن الفضفري (كوتي مسليار) المتوفى سنة 1974م
الشيخ أبو سهيل أنور عبد الله بن عبد الرحمن الفضفري

الشيخ أبو سهيل أنور عبد الله بن عبد الرحمن الفضفري

هو أبو سهيل أنور عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد الفضفري من عائلة الفضفري المشهورة بولاية كيرالا الهند، الموسومة بعدد كبير من العلماء البارزين في شتى المجالات، تنتسب عائلة الفضفري إلى الوفد القادمين من اليمن إلى كيرالا الهند للدعوة الإسلامية برئاسة مالك بن دينار رضي الله عنه وكان ذلك بالقرن الثاني الهجري، نزل بعضهم في مدينة شاليات ثم قدم بعض منهم إلى مدينة ترورنكادي ومن هناك انتقل بعضهم إلى قرية بلي برم وكان ذلك قبل أربعمائة سنة تقريباً، وكلمة الفضفري منسوبة إلى فضفر معربة بلي برم.

المولد والدراسة

ولد في عام 1379هـ بقرية بدنجات موري ضاحية فضفر الواقعة بضلع مالا بورم من كيرالا. بعد دراسة الثانوية بقريته توجه إلى الدراسات الشرعية واللغوية، فأخذ العلوم عن المشايخ المشهورين من طلاب والده الكريم وغيرهم، ثم التحق بجامعة الباقيات الصالحات وهي من أقدم الجامعات بحنوب الهند، وتخرج بالشهادة العليا مع الفوز بالامتياز والتقدير الأول وذلك بسنة 1984م كما أنه نال شهادة متوسطة لدرجة أفضل العلماء من جامعة كاليكلوت الحكومية، وأقام مدرساً وعميداً لكلية معونة الإسلام الإسلامية الواقعة بمدينة بناني إلى عام 1993م، ثم دخل المملكة العربية السعودية، مقيماً بالرياض مشتغلاً بالعلوم إفادة واستفادة.

المشايخ

من أبرز مشايخه أخوه الشيخ محمد سالم بن عبدالرحمن الفضفري، والشيخ العلامة كنيات أحمد مسليار، والشيخ محيي الدين كتي الوليلي، والشيخ أوك عبدالرحمن الأوركمي، والشيخ عبدالرحمن الباناي كلمي، والشيخ سيد عبدالجبار رحمهم الله، ومنهم الشيخ سعيد علي الباقوي، والشيخ كمال الدين الحنفي الباقوي، والشيخ زين العابدين الباقوي، والشيخ يعقوب القاسمي وغيرهم حفظهم الله.

المؤلفات

للشيخ عدد من المؤلفات النافعة إن شاء الله نظماً ونثراً؛  
منها:كتاب موسوع بعنوان (الشيخ عبدالقادر الفضفري وخدمته للغة والأدب)
دراسة وبحث أجري بإذن من وزارة تنمية القوى البشرية التابعة للحكومة الهندية، مخطوط.
روائح الزهور وفوائح العطور ديوان لوالده الشيخ عبدالرحمن الفضفري، مطبوع.
شرح المنظومة الفضفرية في القواعد الفقهية، وتشمل على 144 بيتاً وشرح موجز لها، مطبوع.
القلائد الجلية في القواعد الأصولية، منظومة في أصول الفقه تشتمل على 777 بيتاً وتعليقات موجزة، مطبوع.
النظم الجلي في الفقه الحنبلي وعدد أبياته 888 بيتاً، مطبوع.
رسالة لطيفة في الاستثناءات من القواعد اللغوية، مشتلمة على 44 قاعدة واستثناءاتها، مطبوع.
النظم الوفي في الفقه الشافعي وهو ألفية في الفقه الشافعي.
المئوية الفضفرية في الفرائض الشافعية، وعدد أبياته 100 بيت، مخطوط.
لامية الحلية (ملخص نظمي لكتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر أبوزيد رحمه الله) وعدد أبياتها 270 بيتاً، مخطوط.
مؤلف في مناسك الحج والعمرة والزيارة بلغة مليالم، مطبوع.
مؤلف في المواريث وتطبيقاتها بلغة مليالم، مخطوط.
ترجمة وتفسير القرآن الكريم بلغة الأوردو، مخطوط.

نبذة عن تفسير الجلالين

سمي هذا التفسير بـالجلالين نسبة إلى مؤلِّفيه الجليلين: جلال الدين المحلِّي، وجلال الدين السيوطي؛ وهو من التفاسير القيِّمة المفيدة، التي لاقت انتشاراً واسعاً بين المسلمين، وعمَّ النفع به ديار المسلمين كافة، لما امتاز به من عبارة وجيزة، وأسلوب واضح بيِّن، ليس فيه تعقيد ولا غموض. أن الإمام جلال الدين المحلِّي رحمه الله كان من العلماء المبرَّزين في القرن الثامن الهجري، بدأ بتأليف هذا التفسير من سورة الكهف وانتهى به إلى سورة الناس، وعندما شرع في تفسير سورة الفاتحة وما بعدها وافته المنيَّة قبل أن يتم كتابة تفسير النصف الأول من القرآن؛ ثم جاء الإمام السيوطي بعده وهو من علماء القرن التاسع الهجري وقرر بإتمام تفسير ما لم يتمكن الإمام المحلِّي من تفسيره؛ فشرع في تفسير سورة البقرة، وأتم التفسير إلى نهاية سورة الإسراء. ثم إن هذا التفسير قد جاء في غاية من الاختصار والإيجاز، ولعل هذا ما جعل له قبولاً وإقبالاً من الناس، ناهيك عن أسلوبه المميز، من سلامة في العبارة، وسلاسة في اختيار الألفاظ، وحسن تحرير للأقوال، ومنهج المؤلفين في هذا التفسير كان يقوم على ذكر ما تدل عليه الآيات القرآنية، وما يفهم منها، ومن ثم  اختيار أرجح الأقوال وأصحها. ويقوم كذلك على إعراب ما يحتاج إلى إعراب، دون توسُّع أو تطويل يُخرج عن القصد، بل في حدود ما يفي بالغرض، ويوضح المقصود والمطلوب، ونظرا لأهمية هذا التفسير، وما امتاز به عن غيره من التفاسير، فقد اتجهت إليه همم كثير من العلماء؛ فوضعوا عليه التعاليق المفيدة، وكتبوا عليه الحواشي الشارحة، وكان من أهم الحواشي التي كُتبت على هذا التفسير، حاشية الجمل، وحاشية الصاوي، وهاتان الحاشيتان متداولتان بين أهل العلم.وقد تطابق منهجه إلى حد بعيد، وهو تفسير نادر المثال في تأليفه واختصاره بطريقة ممزوجة مع نص القرآن، واتخاذ طلاب العلم بعده هذا الكتاب متناً تفسيرياً لدراسة التفسير في حلقات العلم ومدارسه، ولذلك حظي تفسير الجلالين بنصيب وافر من العناية من لدن العلماء وطلاب العلم عبر القرون حتى اليوم. حيث كثرت الحواشي والتعليقات والخدمات العلمية التي دارت حول هذا التفسير المبارك، حيث كثرت الحواشي عليه، وقد طبع شيء منها كحاشية الجمل وحاشية الصاوي وغيرها، وبقيت بعض الحواشي مخطوطة حتى اليوم.

تنوير العينين بشرح تفسير الجلالين

ويأتي كتابنا هذا المعنون بـتنوير العينين شرح تفسير الجلالين لأبي سهيل أنور عبدالله بن عبدالرحمن الفضفري وفقه الله ضمن هذا السياق من الجهود العلمية الموفقة في خدمة تفسير الجلالين وتقريبه للطالبين، حيث عكف الشيخ على تفسير الجلالين ثلاث سنوات يراجعه ويدرسه ويدقق في مسائله حتى أتم هذا الشرح المبارك، الذي تميز بمزايا عن غيره من التعليقات والشروح والحواشي، حيث أجاب عن كثير من الأسئلة الدقيقة التي يتجاوزها غيره من أصحاب الحواشي والتعليقات.

ومن مزاياه توضيحه للمسائل النحوية والبلاغية وغيرها التي يرمز لها الجلالان رمزًا، ويشيران إليها إشارة خاطفة لا ينتبه لها كثير ممن يقرأ هذا التفسير لحاجتها للعمق العلمي في فهم المسائل التي يرمز لها. ولذلك فإنني أبشر الباحثين وطلاب العلم بهذا الشرح النفيس الذي سوف يعينهم على الاستفادة القصوى من تفسير الجلالين بطريقة ميسرة، وعبارة واضحة، وسوف يأخذ بأيدي قراء تفسير الجلالين للخروج بأكبر قدر من الفائدة والفهم من هذا التفسير التعليمي المبارك. 

فهذا شرح موجز على تفسير الجلالين للإمامين الشهيرين الإمام جلال الدين المحلّي (٧٩١-٨٦٤هـ) والإمام جلال الدين السيوطي (٨٤٩هـ-٩١٣هـ) رَحِمَهُمَا الله تعالى، وشهرة هذا التفسير تغني عن تعريفه وتعريف مؤلفيه، فقد تناوله العالم الإسلامي درسًا وتدريسًا، وشرحًا وتوضيحًا إلى هذا اليوم. ومن المعلوم أن الإمام المحلّي رحمه الله فسر سورة الفاتحة، ومن سورة الناس إلى نهاية سورة الكهف، ولم يكمل، ثم قام بتكميله تلميذه الإمام السيوطي رحمه الله، فكان تفسيره من سورة البقرة إلى نهاية سورة الإسراء، وسلك الإمام السيوطي في هذا التفسير منهج شيخه الإمام المحلّي، ولم يخالفه إلا في مواضع يسيرة، حتى يظن أن كلا من التفسيرين منحَدِرٌ من قريحة واحدة، ولا نجد لهذا مثالا في عالم الكتب.

 وتفسير الجلالين مع إيجازه البالغ قد جمع أنموذجًا من أنواع علوم التفسير ففيه توضيح للمسائل النحوية والصرفية والبلاغية، وبيان للأحكام الفقهية والأصولية والعقدية، وتوضيح للقراءات، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ.والجمع بين الآيات التي توهم التعارض وغير ذلك من علوم التفسير. ولذلك يصبح تفسير الجلالين جليل القدر لا يستطيع فهمه إلا من حاز فنونًا من العلم، كالنحو والصرف والبلاغة والفقه وغيرها من العلوم، ولكن أورد من كل ذلك أنموذجًا بدون استيفاء؛ تنبيها بما ذكر على ما لم يذكر، وتشجيعا لمن نظر وتدبر.
 
ولفرط الإيجاز كثيرًا ما نجد كلمةً يشير بها المفسر إلى مسألة نحوية أو بلاغية أو عقدية أو غيرها، من دون تصريح بالمسألة، ربما لا ينتبه لذلك كثير من الطلاب أثناء قراءتهم لتفسير الجلالين مثلا: يقدر لفظ "قد" قبل جملة فعلية فعلها ماض كقوله في الآية ٩٠ من سورة النساء: (أو) الذين (جَاءُوكُمْ)  وقد (حَصِرَتْ) ضاقت (صُدُورُهُمْ)  ويشير المفسر بهذا التقدير إلى مسألة نحوية، وهي أن هذه الجملة في محلّ نصب حال؛ لأن الجملة الفعلية المبدوءة بالماضي إذا كانت حالا وجب دخول قد عليها، كما تقول: جاء زيد وقد ركب، وإذا لم يذكر قد يكون مقدّرا.

مثال آخر: يقول في تفسير قوله تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّبِرِينَ (آل عمران: ١٤٦) مثلا: أي يثيبهم. وهذه إشارة إلى مسألة عقدية كلامية وهي تفسير المحبة بلازمها، وهو الإثابة، فهو نوع من تأويل بعض الصفات الذي هو منهج علماء الأشاعرة في الجملة، إن هذا الكتاب تفسير الجلالين يحتوي على كلمات هنّ عناوين لمسائل، ورموز هي مطالع لمباحث، قلّما يُلتفت إليها عند قراءته وكان الشيخ أبو سهيل أنور عبد الله الفضفري تولي تدريس تفسير الجلالين مع بعض المشايخ حفظهم الله  وذلك بمدينة الرياض، خلال سنوات ١٤٣١ - ١٤٣٤هـ، فأشاروا إليه بضبط بعض تلك الفوائد كشرح لهذا الكتاب، فقام بذلك بتوفيق الله تعالى، وأكمله أثناء ثلاث سنوات مع الانشغال بالتدريسات وبعض التأليفات الأخرى، وكان ذلك من شهر شعبان من سنة ١٤٣٥هـ إلى شعبان ١٤٣٨هـ، فجاء بحمد الله شرحًا موجزا محتويًا على فوائد جمة لا يستغني عنها متداول تفسير الجلالين، وسماه الشيخ تنوير العينين بشرح تفسير الجلالين، فهذا شرح موجز لـتفسير الجلالين وليس تفسيرًا مستقلا لكتاب الله عَزَوَجَلَّ، ولذا تراه مقتصرًا على القدر الذي يحتاج إليه متناول تفسير الجلالين، دون التوسع في ساحة التفسير للقرآن الكريم.


وأهم الفوائد التي يتركز عليها المصنف في تنوير العينين بشرح تفسير الجلالين
عَزْوُ قول المفسر إلى مصدره الأصلي أي إلى قول أئمة التفسير من الصحابة والتابعين، أو إلى أحد المفسرين من بعدهم، ونرى أن أكثر أقواله معزو إلى ابن عباس رَضِ اللَّهُ عَنْهُما .توضيح الرموز التي يشير بها المفسّر إلى مسألة نحوية أو غيرها.توضيح مراد المفسر ودفع ما يوهم خلاف المقصود وتوجيهه بحيث يزيل الإشكال أو يدفع اعتراض بعض الشراح .

ذكر أقوال أخرى منقولة في التفسير معزوة إلى قائلها، مما لم يذكرها المفسر، وهي مشهورة أو أقوال راجحة.إضافة كثير من المسائل النحوية والأصولية والبلاغية والعقدية وغيرها.توضيح الملامح العقدية، وبيان منهج المفسرين الجلالين، وبيان منهج السلف.
إعراب بعض الآيات المهم مما لم يذكره المفسر.
عزو القراءات التي ذكرها المفسر إلى قارئيها مع التوجيه اللغوي لكل منها إذا احتيج إلى التوضيح، وما سكت عنها المفسر لم أذكره إلا نادرا.

استدراكات على بعض عبارات الجلالين وتوضيح الإشكال الحاصل فيها وتوجيهها إن أمكن، ومن ذلك ما نسب إلى سبق قلم.
التعقيب على بعض آراء المعاصرين في تفسير الآيات مما هي مخالفة لعلماء التفسير المشهورين
الرد على المبتدعة في تمسكهم ببعض الآيات لترويج مذهبهم.
عزو الأحاديث التي ذكرها المفسر إلى مخرجها بإيجاز.
تنبيهات مهمة في تنوير العينين بشرح تفسير الجلالين
يكتفي المؤلف غالبًا في استيثاق الأقوال أو شرحها بهذه الكتب الثلاثة: تفسير ابن جرير الطبري، تفسير ابن كثير، تفسير القرطبي؛ وذلك نظرًا للإيجاز وعدم كبير فائدة بذكر عدد من كتب التفسير.

قد يكرر المؤلف ذكر بعض الفوائد حسب الأهمية والمناسبة، وكثيرًا ما يحول على ما ذكر أولا مع ذكر رقم الآية التي في تفسيرها ذكرت الفائدة، كما يحوّل كثيرًا من تفاصيل المسائل إلى الكتب الأخرى في الفنون المختلفة، ومن ذلك ما يحوله إلى بعض مؤلفاته، مثل: الثلاثيات، والثنائيات في النحو، أو البلغة في علوم البلاغة، وغير ذلك.
تلك الفوائد المشار إليها وغيرها ليست مجتمعة في مكان واحد كما هو واضح، وإنما هي منشورة في مواضعها فمن قرأ هذا الشرح كاملًا فسيجدها إنشاء الله .
قد يحوّل المؤلف تفاصيل مسائل النحو وغيره إلى الكتب الأخرى. 

اعتمد المؤلف في ضبط القراءات على الكتب المؤلفة فيها، ومن أهمها: كتاب القراءات العشر المتواترة على هامش القرآن الكريم، فكرة الشيخ علوي بن محمد بلفقيه، إعداد الشيخ محمد كريم راجح شيخ القراء في الديار الشامية (دار الهجرة، المدينة المنورة )، كما اعتمد كثيرًا في ضبط نص تفسير الجلالين على النسخة المحققة للدكتور فخر الدين قباوة حيث إنه بالغ في تحقيقه وتحريره. 
المفسران الجلالان غالبًا يجريان على قراءة أبي عمرو، وقد يخرجان عنها كما يعلم من توضيح القراءات، وقد شكلت الآيات على القراءة التي جرى عليها المفسر، ولذا تجد بعضها غير موافقة لقراءة حفص مما هي المرسومة في المصاحف المتداولة.

المفسران الجلالان قد يجريان على التفسير المرجوح، وهي مواضع يسيرة سوف ننبه عليها، ولكن يكون لهما سابق، ولا يقولان برأيهما شيئًا. 
من عادتهما: إذا قالا نزل أو ونزل بدون تاء التأنيث أو مع الواو یراد به الآية التالية وإذا قالا: نزلت بتاء التأنيث فالمراد الآية السابقة وقد يخالفان هذه العادة. كما أنه قد يعبر بـ نزل بدون الواو إشارة للآية السابقة. 
قد تذكر القراءة الشاذة غير العشرة  ويشار إليها بلفظ "قرئ"، وهي مواضع يسيرة.

يقال: إن حروف تفسير الجلالين زائدة يسيرًا على حروف القرآن الكريم ولذا يجوز حمله بدون وضوء، كما نقله .د فخر الدين قباوة في مقدمته على شرح تفسير الجلالين، وهذا إذا لم يكن التفسير على هامش المصحف الكريم. 
ذكرنا أن الإمام السيوطي جرى على منهج شيخه الإمام المحلّي في تكميل هذا التفسير، ولم يخالفه إلا مواضع يسيرة، منها: أن الإمام المحلّي فسر الروح بأنه جسم لطيف يحيا به الإنسان بنفوذه فيه )سورة ص: ۷۲( والإمام السيوطي لم يعرف الروح ؛ لقوله تعالى: )قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي( )الإسراء: ٨٥(. ومنها أن الإمام المحلّي فسر الصابئة بأنهم فرقة من اليهود )سورة الحج: ١٧(، وزاد الإمام السيوطي رَحمَهُ اللَّهُ: "أو النصارى"، نظرا لوجود القول به في الصابئين.

    على جماع القول، جزى الله الإمامين الجلالين عن المسلمين خيرا تقبل الله الكريم هذا السعي الكبير من الشيخ أنور عبد الله الفضفري، وعمّ النفع به، ووفقه للمزيد، ورزقنا الإخلاص بمنه وفضله. أسأل الله للشيخ أنور الفضفري المزيد من التوفيق والسداد في مؤلفاته وبحوثه وأشكر دار الإداوة للنشر التي تصدت لنشر هذا الكتاب القيم، وغيره من الكتب والمؤلفات النافعة التي انفردت بها. وجزى الله الخير كل من أعانه عليه، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، والحمد لله رب العالمين.


شمس الدين الوافي
 باحث الدكتوراه في جامعة مولانا أزاد الوطنية الأردوية، حيدرآباد



إرسال تعليق

أحدث أقدم