هو أبو محمد إبراهيم محمد أحمد الأريكلي المليباري الملقب بالأريكلي الصغير، ولد بأريكل بمقاطعة كاليكوت سنة 1940م في بيت معروف بالعلم والفضل والأدب. كان أبوه عالما كبيرا و شاعرا قديرا. توفيت أمه منذ نعومة أظفاره. كانت قبيلة أريكل ملجأ المحتاجين وتميزت بالدين والفقه والأدب وموقع الحل والعقد في الشمال المليبار. زوجته كنجامنة، أنجبت تسعة أولاد منهم ابنان وسبع بنات. توفي الأستاذ الشاعر عام 2011م، دفن في جوار مقبرة أخيه الكبيرالأستاذ الشاعر الشيخ عبد الرحمان الأريكلي بالمسجد مويفوت. ومن كتابه: النوال التبري في مناقب السيد الجفريدراستهبدأ العالم الشاعر حياة التحصيل منذ صباه الباكر، تجول في طلب العلوم في حلقات دروس الأعلام واستفاد من علمائها. ونشأ في مهد أبيه و قرأ عليه علوم الابتدائية، له حظ وافر من العلوم الظاهرة والباطنة وكان زعيم الطريقة الصوفية في شمال مليبار. ثم عكف في تحصيل العلم من أخيه الكبير في مسجد تودنور وفي نفس الوقت كان مدرسا الطلاب في حلقة الدرس. ثم قرأ على عباقرة العلماء من المساجد المختلفة وأتقن منها في النحو والصرف والبلاغة والعروض والفقه والتفسير والحديث.ومن هنا ارتحل الشيخ الأريكلي الصغير إلى الجامعة النورية العربية بفيض آباد وتلقى الدراسات العليا من علماءها الماهرين، مثل الشيخ شمس العلماء أبو بكر مسليار والشيخ أبو بكرمسليار كوتملي حصل منهما الصحاح الستة هي أبرز الكتب في الحديث. فحصل على شهادتها بدرجة ممتازة ونال قبولا حسنا من علمائها. كان غاية في صفاء الذهن وكرم الأخلاق وفي الحياء والتواضع وكثير الحلم وقليل الغضب وعفيف اللسان ومشغول الفكر بالمطالعة.ميدان التدريسقام الشيخ الأريكلي بالتدريس أكثر من عشرة حلقات المساجد من مختلف أركان البلاد بعد تخريجه من الجامعة النورية العربية. وفي سنة 1986م عين مدرسا في الكلية العربية الرحمانية بكدميري في مقاطعة كاليكوت احدى المعاهد الدينية الشهيرة في شمال كيرالا. مارس هناك مهنة التعليم في مختلف المواضيع الدينية والأدبية مثل الفقه والحديث والبلاغة والمنطق والقوافي ، في نفس الوقت كان قاضيا لمساجد شتى في ودكرا. ولم يكن الشيخ مدرسا متقاعدا في زاوية الكلية معتزلا عن الناس بل يطلع إلي مشاكلهم فيحلها لهم. وله آلاف من التلاميذ في طول البلاد وعرضها.شاعريتهبدأ الشيخ الأريكلي الصغير ينظم الشعر في صغر سنه وأشعاره تمتاز بالخيال البديع والألفاظ الناعمة ولاستعارة والتشبيه والعواطف النبيلة. وقد قرض الشيخ عددا من القصائد في مناسبات مختلفة وهي مليئة بالقضايا الاجتماعية والمدح والمناقب والسياسة والبلاء تمتاز باساليب الفياضة والمعاني العزيرة وروعة الخيال ونشرت في مجلة ‘البلجة ’التي تصدر من الكلية العربية الرحمانية بكدميري ومجلة ‘النور’التي تصدر من الجامعة النورية العربية بفيض آباد.إهتم شاعرنا بالشعر حيث كان يدرس في الابتدائية فأرسله إلى أخيه الكبير الذي يعد من أعلام الشعراء بكيرالا، يعبر فيه الشاعر عن مسألة التي رفعت من بين أسرته ، هذا أول شعر له يقول فيه:أخي لما بعدت عرت أمور أريد البعض منها أن تنالاوللتقسيم جاء الأقرباء فصار القول بينهم جدالالما طال قالوا بعد إتيا نك التقسيم فانفصلواانفصالالما وجد أخوه هذا فقال معجبا به " أيها الأخ العزيز وقفت على كتابك ، الوافرة أشعاره السارة مضامينه وأخباره فأبدى الشيخ سروره وشجعه على ذلك.قرض الشاعر شعرا في عنوان ‘يا حسرتا’ بمناسبة احتلال جنود أمريكا إلى أرض العراق يقول:لوكنت تنظر لاترى إلا صوا ريخا أتت من حاملات دماريعجبا لفرعون الحديث وسعيه طوعا لصهيونية الغدارييبدع لنا الشاعر هذه النصوص جرائم الصهيونية ودنسها وآثامها ولونظرنا إلى نكبة الأبرياء ونوحتهم نرى أنه بيد "الفرعون الحديث يعني به "جورج بوش.ومن خلال أبيات ‘ أبكاني محدثات العصر ’ وحمدا لبارينا ’ يرسم الشاعر صورة المعاناة والمشاكل التي تعسها الأمة الإسلامية من ذل وهوان وفوضى وفتن. يقول :يا أمة كانت رؤوس الأرض فيأيدي قيادتها مديد الزمانييا أمة عنمت خزائن قيصراوكنوز كسرى في سعسد آنفتحت مدائنهم برغم جيوشهموقواهم من عظمها بمكانويقول في الثاني :واستبدلوا عمل الفجور بلذةمن لذة الطاعات في الإحسانقنعوا من الأخرى بعيش نائم.في هذه الدنيا بلا نقصانوبعد فالجاهل بالزمانوصنيعه في زمرة العميانيفإنهم كانوا رؤساء العالمزعيم خزائن الأرضويقول الشاعر بقلب مؤلم كانت أمة المسلمة رؤساء العالم وزعماء حزائن الأرض ولكن رجعوا إلى ملذات العيش وانعمسوا وارسخوا أقدامهم فيها وآمنوا حياة الدنيا هي الباقية حتى سقطوا إلى عمق الأرض.نعرف في هذه المناسبة كان الشاعر حريصا على إصلاح المسلمين ونفعهم وناصحا لهم وكان يتألم كثيرا مما يرى من اضطرابات حبل المسلمين وتفرق كلمتهم وانشقاق عصاهم وذهاب ريحهم وانحطاطهم.يصف الشاعر في قصيدته ‘ دموع المضطهدين’ أسوأ الظروف التي أصابها المسلمون في كشمير:يا ويلنا يا حسرتا إخوانييلقون ما يلقون من عدوانيا ريح سكان بكشمير لقوامالا يماثل أذى من جانعدوا دماء الأبرياء بزعمهميزداد جيش الهند في الطغيانحين انتهوا في غلظة فظاظةلم يفهموا من حرمة الإيسانيتألم الشاعر كثيرا في مصائب سكان كشمير وآلامهم ويعبر عن موافق جنود المسلمين.ويرسم في قصيدته ‘ ونسوا مقالة ’ عن حادثة مؤلمة وقعت في بلدة نادابرم قبل سنوات وهدم فيها المدن وحرق المزارع ويباد النساء و يصورلنا الشاعر تلك الظروف القاسية دامية دامعة. يقول :أسفا على من في نواحي بلدة النادابرم من أخوة الأبرارهتكوا فتاة من نساء مسلمةفي هجمة شنعاء في استهتارقتلوا بريئا مسلما في قسوةوجراءة كالوحش في إفقارهي نوع من قصيدة عن قضايا اجتماعية ، تمتاز بالأصالة اللغوية ووضوح المعاني.وهكذا قصيدتاه ‘ كم مؤلم ’ و‘ الهند في العهد الحديث ’ تخبر لنا أخبار الهند.ولنلتفت نظرا إلى إخواننا في الهند في العصر الحديث الجاري.ماذا لقوا في البابري وبعدهفي الحادث الغجرات من أشرارسفكوا دماء الأبرياء وحرقواحتى مئات نسائهم وصغارهميقول الشاعر في شعره ‘الهند في العهد الحديث ’كم من صغار مسلمين تيتمواكم من فتاة إثرها تتأيممن مسكن للمسلمين ومتجرهدمت بأيديها الطغاة اللومذا الموطن الهند الحبيبة أفظعتفي وقتنا جورا وظلما يعظميرسم الشاعر لنا في قصيدته ‘ الحريق منا ’ صورة مؤلمة عن حادثة الحريق وقعت هناك قبل سنوات ومات فيها مآت من أنحاء العالم. يقول :ياعين سحي بدمع منك مدراراعلى مصاب منى في أزمة النارلاغرو إذ لقيت فيهم مصارعهممنهم مئات هم أخيار زواروفي السطور الأخيرة يدعو لهم الشاعر بقلب حزين :جزاهم الله أعمالا أتوا حباهم جنة الخلد في روح و إيثارفضلا وعافى ونقاهم وطهرهممن سيئات أتوا جهلا و أوزارافالواضح من الأبيات السالفة كلها أن الشاعر المرحوم فياض القريحة يتدفق الشعر عنده وكان أبرع مصور لبؤوس الأمة ومآسها وأصدق مترجم عن آلام الشعب وأحزانه لأنه كان يعيش لمواطنيه ومن أجل ذلك كثرت في أشعاره قضايا الاجتماعية و البلاء و قضايا الوطنية.قرض الشاعر الفقيه كثيرا من المراث عن العلماء والسادات الذين يعلون في المجد والكرم والنسب والعلم و ليس الشاعر عاجزا عن بلوغ الغاية التي يستحقها المراثي. أقتطف شيئا منها :يقول في مرثية ‘ مزار تستمد به ’ عن مناقب السيد العلوي الجفري :ضياء الخافقين بكل معنىأولو الفضل البدور المشرقاتسلالة سيد الثقلين علىذوي أصل زكا منه النباتلهم في العلم والتقوى رسوخكأنهم الجبال الراسياتيقول الشاعر في مرثية العلامة أحمد مسليار الكنياتي :ذاق المنية إذ أتى المقدورمن آجاله الموفور للإنسانأعني الفقيه الشيخ أحمد كنياتي ابن الكريم المرقضى أورانأخذ المعارف عن كبائر عصرهوكذاك عنه أكابر الأعيانوفي مرثية السيد محمد علي شهاب ‘ يدق الورى أبوابهم طول عيشهم’ يقول الشاعر :يدق الورى أبوابهم طول عيشهمحصيل مطلوب وتبديل منكديسكنه الفردوس فضلا ورحمةالأهل في دار النعيم المخلديرثي الشاعر في مرثية ‘ وهم الفقيه الألمعي ’ عن أستاذه العالم الكبير الشيخ عبيد الله مسليار الكييني،إذ جاء نعي الشيخ أوحد وقته ذي السيرة الحسنى من الأقرانأعني عبيد الله ذي الفضل الكبيرالكييني الأعلى العظيم الشأنقالوا توفي أستاذي فقلت لهمكلا هو الحي ليلقاه أبرارمن فقده كدميري أكرم أهلهاخسرت فيما أدهاه من خسرانوفي مرثية أخيه الأكبر عبد الرحمان الأريكلي الذي ذاع صيته بين الآفاق بأشعاره الرائعة ’ وصار الشاعر بعد فراقه وحيدا في دنياه و لذلك يقول بمؤلمة التي ترتبت على فقده :قفا نبك من ذكرى فقيد مكللبتاج العلى شيخ الكرام الأريكليوأتقن كل البحث حتى تيسرتعليه دروس العلم من غير مشكلروى بنبع العلم ألف عطاشوضعوا عصا الترحال في حلقاتهتبكي حديقة معهد الرحمانمن حزن ما نالت من الثلماتولم يبقى في الخيرات إلا حوىلها أعد جميع الزاد قبل التهروليقول الشاعر في مرثية أولاشير إبراهيم مسليار :كنت الحبيب لكلنا ومحبناومعلما باللطف دوما قصدنامثل أخيك كنت نجم سمائناوالناس قالو أفل نجم بلدناوكنت صوفيا أديبا عاقلامتواضعا متضرعا في عصرنالو أن ربي أطال عمر حبيبناسعدنا ولكن أمره ماض بنافهو يقول في مرثية الشيخ عبيد الله الكاغاتي :ذاق المنية إذ عدا من عمرهتسعين في سعد من الأوقاتإذ كان يأخذ من مجالس شيخهال قطبي حاوي السبق في الذرواتلازال وبل الفضل في ترباتهمينهل في الأصل والبركاتهذه المراثي عبر بها الشاعر عن معاناة مؤلمة ليس فيها التكلف ولا تصنع وإنما أبرزت المعاني في إيضاح وتجسم وتشخيص لبيان أثر الفاجعة على نفسه. حزن الشاعر حزنا شديدا بفراق أخيه وأساتذته وشيوخ الأمة المسلمة وهم شيدوا إزارهم لنشر العلوم والإرشاد الأمة من الظلمات إلى النور. كلها تفيض بالعاطفة الصادقة. خلد بها ذكراهم في قصيدته الرائعة. لأنه فيها لاينسى أن يثني على الفقيد ويذكر شمائله الحميدة التي يتحلى بها وتعلو من شأنه أمام الناس وقلبه ملتهب بفراقه شيئا.يتميز شعره بسهل الألفاظ وجزالته وعلو الأسلوب وأقرب إلى الصدق الفني وصدق العاطفة والشعور وكان تعبيره الصق بالبلاغة وأبدغ المراث بألفاظ المخزنة التي تهز القلوب وترسل الدموع تبعث العبرات والزفرات. كان إلى جانب هذا متواضعا لطيفا، قوي الحجة راسخ العقيدة. يختتم الشاعر قصائده بالدعاء والصلوة والتسليم على النبي (ص) وعلى آله وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. نعرف جيدا من كل هذا أنه كان من أبرز الشعراء في العصر الراهن.عبدالوهاب الرحمانيالأستاذ في القسم اللغة العربية،دار الأيتام المسلمين ب متل