دور المسلمين في تحرير الهند من براثن المستعمرين


إن مما لا يخفى على من له قلب سليم أو ألقى السمع أن المسلمين لعبوا دورا بارزا في تحرير الهند من براثن المستعمرين الغاشمين حيث إن تاريخ مقاومتهم ومناضلتهم، تضرب جذورها إلى القرن الخامس عشر الميلادي، الذي شهد قدوم البرتغاليين الاستعماريين،وقد.حاربوا ضد جبابرة المستعمرين وطواغيهم ،ولم يتخلوا عن الكفاح تجاه الذين قدموا إلى الهند بطموحات الاحتلال مثل البرتغاليين والفرنسيين والبريطانيين،وكان هدفهم الوحيد من خلال النضال حماية وطنهم المحبوب ومدافعة عن دينهم المستهدف من قبل المستعمرين الغاشمين.

ومما لا يرتاب فيه أن تاريخ كفاح الاستقلال يزخر بأسماء العديد من المناضلين الذين تركوا بصمتهم في ساحات القتال والنضال.وكان لهم بالفعل اليد الطولى في مكافحة المستعمرين،وتشريد قواهم من شبه القارة الهندية،وفي ضمنهم من كان لهم دور مباشر في النضال والكفاح، حيث حاربوا القوى الاستعمارية الغاشمة بتضحية أرواحهم لأجل الاستقلال مثل أسرة كنج عالي مركار الذين كانوا أمراء البحر للملك الساموتري، ومنهم من دعم هذه المكافحات دون أن ينضموا إلى النضال مباشرة، بل شجعوا وحرضوا المناضلين بمواقفهم الراسخة ضد هيمنة المستعمرين.هم علماء الأمة الذين هيئوا ساحات القتال بفتاواهم وخطباتهم النيرة، وأعلنوا أن الجهاد ضد هيمنة القوى الاستعمارية جزء من إيمان المسلمين وفرض عليهم إن أطاقوا.ومن العلماء الذين أعلنوا الجهاد على البرتغاليين الشيخ زين الدين علي المعبري،المخدوم الأول، الذي ألف كتاب "تحريض أهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان"وأحمد زين الدين المعبري صاحب تحفة المجاهدين، أول كتاب معروف في مجال التاريخ في كيرالا.ومنهم أسرة القاضي الكالكوتية لمن فيهم القاضي محمد الكالكوتي مؤلف" فتح المبين". 


مواقف العلماء ضد الاحتلال البريطاني 

ومن الحقيقة التي لا مرية فيها  أن البريطانيين قاموا بترسيخ  أقدامهم على شبه القارة الهندية بعد إرساء الشركة الإنجليزية الشرقية عام 1614 م .وقد فرضوا سيطرتهم على بقاع الهند تدريجيا،حيث قمعوا مناطق كثيرة عبر سياستهم "فرق تسد"، فضلا عن استغلالهم للشعوب الهندية المتضمنة للكادحين والفلاحين وغيرهم من  الشعوب  المتأخرة،

وقد أدرك العلماء المسلمون في الهند آنذاك  أن هذه الشركة الاستعمارية  تشكل خطرا  كبيرا على الإمبراطورية المغولية للمسلمين التي تحكم الهند طيلة  خمسة قرون في حين أنها تهديد كبير بالنسبة إلى حياة الشعوب الهندية بأسرها.وبهذا الصدد، قد  خططوا  لأجل تشريد المستعمرين من البلاد،وقاموا بإعلان الجهاد والنضال على الحكومة الاستعمارية الغاشمة ،بأن شجعوا المسلمين على البريطانيين الجائرين بإلقاء الخطبات وإصدار الفتاوى المضادة الاستعمار .وكان في طليعة العلماء الذين تولوا قيادة هذا الكفاح ،أشهر علماء ذلك العصر  "شاه ولي الله الدهلوي" وقد أصدر فتوى تنص على عدم تعلم اللغة الانجليزية باعتبارها لغة  النار والجحيم،وبعد وفاته تولى زعامة هذه الحركة ابنه شاه عبد العزيز الدهلوي الذي اختار نهجا جديدا لمناضلة الاحتلال ،وأعلن الجهاد ملاحظا أن الهند قد انتقل من دار الإسلام إلى دار الحرب، وحث تلامذته على شن الجهاد ضد المستعمرين ،وقد أصدر فتاوى  تفيد على ضرورة التخلي عن الوظائف الحكومية وبضائعهم ،وقد تلقت هذه الحركة ترحيبا من جميع أقطار الهند على نطاق واسع .

ومن الحري بالذكر هنا ما سجله المؤرخ مارشال لورد في كتابه" Forty one nights in India "بأن الحركة الاستقلالية الأولى التي قامت في سنة 1857م قام ببدأها سبعة وعشرون عالم مسلم ،وتم فيها قتل أكثر من خمس مائة ألف مسلما.وكان في زعامة هذه الحرب الطاحن السيد أحمد عرفان البريلوي ،ومولوي لياقة الله ،و حاجي إمداد الله  ومولانا قاسم نانوتوي -مؤسس دار العلوم ديوبند -وغيرهم .ولكن لم يحالف النجاح لهذه الحركة الاستقلالية حيث اضطر المسلمون لدفع ثمن باهظ لهذا النضال.ولكن أمكن لخلق ضجة كبيرة ضد الهيمنة البريطانية.

العلماء المسلمون في ملبار ودورهم  في نضال الاستعمار

ومن الحقيقة التي لا تجحد أنه قد شاهدت منطقة ملبار ولاية في أقصى جنوب الهند ،احتلال البرتغاليين الغاشمين  الذي يعد أول احتلال أجنبي  في شبه القارة الهندية الهند، حيث رسوا في ساحل كاباد في كالكوت تحت زعامة القائد واسكود گامه.وقد رفع العلماء المسلمون الذين اعترفوا نواياهم وأغراضهم السيئة راية الجهاد والنضال على البرتغاليين الصليبيين،  ومنذ ذلك اليوم فصاعدا كافح المسلمون ضد هيمنة الاستعمار الجائر المسلط على ساحل ملبار ومناطقها برا وبحرا.وكان للعلماء الذين قاموا بتشجيع المناضلين المسلمين على مكافحة الاستعمار،والذين يستمد منهم المحاربون جرأتهم وشجاعتهم بمن فيهم الشيخ زين الدين المخدوم الأول  
والثاني الفنانيين والقاضي محمد الكالكوتي ، يد طولى في إعلان الجهاد والنضال ضد براثن الاحتلال
ومما لا يخفى على أحد أنه قد فرض البريطانيون سيطرتهم على منطقة ملبار بعد انتصارهم في الحرب المشهورة بالحرب الإنجليز والميسور سنة 1892م ،وعلى هذا المنوال سيطروا على المناطق المتضمنة في ربوع ملبار مثل كالكوت، وإيرناد،وولوناد وما إلى ذلك،وبهذا الصدد رزح شعب ملبار لا سيما شعب 'مافلا' تحت وطأة الاحتلال التي لا تزال تحاول استغلالهم عبر تحميل الضرائب الباهظة ورفع أسعار الأشياء المستخدمة دائما إلى الضعف،وقد كان أحوال الفلاحين والكادحين نظرية ومعقدة حيث واجهوا إجراءات استفزازية من قبل الموظفين البريطانيين والزمينداريين المدعومة من قبل الحكومة.وفي هذه الظروف الاستثنائية أصدر العلماء  مثل السيد علوي المنفرمي والقاضي عمر فتوى مناضلة تلك الحكومات المحلية التي تضيق حياة المسلمين باسم الضرائب والنظام الزراعي.

وفي الفترة التالية للحرب العالمية الأولى كان هناك سبب آخر أيضاً لمناضلة البريطانيين وهو تقسيم الدولة العثمانية التي كانت رمزا الخلافة الإسلامية طوال ست قرون ونصف، وكان في ضمن العلماء الذين أعلنوا الجهاد على البريطانيين الخادعين عالي مسليار نليكتي، وآمنمانتكم فريد كتي مسليار، وكتلشيري محمد مسليار ،وفانغل أحمد مسليار وهلم جرا.وقد تم اعتقال عالي مسليار بعد نضاله ضد  الحكومة البريطانية وزجوه في السجن، ولكنه انتقل إلى رحمة ربه  داخل السجن  ساجدا أثناء أن يصلي ركعتين قبل الإعدام.

ومن أبرز الزعماء الذين تولوا قيادة النضال بعد عالي مسليار ،واريان كنات كنج أحمد حاجي الذي أصبح كابوسا للحكومة البريطانية بتأسيسه سلطة مستقلة في حدود ملبار والتي تحدت البريطانيين طيلة ستة أشهر.وقد أظهر المسلمون محبتهم لوطنهم المحبوب في الثورات المتوالية القائمة ضد البريطانيين خاصة في مناضلات ملبار الواقع في سنة 1921م بحيث كبدوا خسائر كثيرة لحكومة الاحتلال.وبالجملة، أن للمسلمين علاقة عريقة وصلة وطيدة للحركات الاستقلالية القائمة في الهند،بحيث لا يستطيع إنكارها مهما تجاهل المنكرون والجاحدون.

محمد فائز أن. أم
طالب بجامعة عين الهدى كاباد

إرسال تعليق

أحدث أقدم