التراث العربي في جنوب الهند :لمحات على العلماء المخدوميين


لغة مليئة بالعجائب والبدائع، ولسان اعتنقها العجم و العرب وأقحوان تفوح الرائحة منها وفاضت من ثغر النبي الشريف محمد صلى الله عليهوسلم الذي شرف جل مطالع العلاء والجمال و الزهاء، وواسطة نزل فيها الكتاب العزيز القرآن الكريم، وسنة نطق بها جبريل الأمين، ومناطة بدين كريم، وألفاظ رفعها ربها إلى قمم الطود و السماوات. كل هذه الخصال إنما ينتمي للغة فريدة هي اللغة العربية التي عبرت القرون والقارات.فالمفردات منها قلائد من الجمان و الحروف منها يواقيت قاع البحر والبحيرات. هي سفينة أرست مرساة أول بدأ خلق الأرض و السماوات.فهذهالمقالة يسلط الضوء على ورود اللغة العربية إلى أرض كيرالا بنهضات هنيئة وثورات مدهشة والانطباعات التي سرت بعدها بين أهل كيرلا ولمحة على الأعمال البارزة التي ترعرت في كيرالا.

 اللغة في القلب والقالب

إن اللغة العربية ليست فقط أغنى لغات العالم وأكثرها ثراء ولكنها حافلة بالتاريخ والقدم. فيدلنا على قدمها مانقله ابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس من حديث الرسول بأن لغة آدم في الجنة كانت العربية فلكيرلا تباع تسلسلي إلى أدم بواسطة اللغة العربية.فهذه هي مفتاح اللغات السامية.فبهذه الأسباب صارت هذه اللغة حجر الزاوية.يقول الدكتور علي رجب المدني:”وما كانت العربية لتكون لسان الله يوم القيامة لولم تكن لسانه منذ الأزل.فهو منزه عن تغيير ذاته و صفاته.هو ألزم خاتم أنبيائه بأن يدعوهم لتعلمها و تعليمها للناس حتى لا يعيبوا شرف الاستيعاب للخطاب الذي سيتم بلسانه العربية.فدعم دعما عميقا راسيا في الجذور على أن اللغة العربية هي كحجر الزاوية كالشمس في ظاهرة النهار. فإذا أمعنا النظر إلى صفحات التاريخ العالمي نجد نباغة اللغة العربية وآثارها المرموقة, فكما تظهر وبان في الهند خاصة في كيرالا منذ السنوات ومنذ العصور التاريخية التي لم يطلع العالم إلى قمم التطورات و الاكتشافات الحاضرة هذا الزمان.فاللغة هي أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم(ابن الجني33ه).فأهل كيرالا استقبلوا هذه اللغة كأنهم فضلوها كلسانهم و اعتنقها بقلبهم و قالبهم .

 قدوم العرب  والانسجام في لغتهم و دينهم

كيرالا ولاية تقع في جنوب الهند. وهذه الولاية تمتلك حظا وافرا من التواريخ. ولها تاريخ بذرت فيها اللغة العربية ثم انشقت و نبتت و ارتفعت وتفتحت و نضجت و لقحت نفحاتها قبل القرون شدت العرب رحالهم إلى كيرالا ناسجين تواصلا يعلق القلوب وتواصلا يعلق النقود. فهذا ما أجمع عليه المؤرخون رغم عدم اتفاقهم على قرن معين أو سنة محدد. لأنهم راموا بترحالهم القرنفل و السمسم و الزنجبيل و الموارد التي تعدم في أراضيهم.و إنشاد امرأ القيس-الشاعرالجاهلي-عن الفلفل يؤيد مجيئ العرب إلى تراث كيرالا و ثراها.ويشير الرحالة العالمي أبوزياد في رحلته عن آراء تتعلق بكيرالا.فهذه الأدلة قرابها تؤكد على مجيئ العرب إلى كيرالا منذ طلوع القرون.فلما شاع الإسلام في جزيرة العرب تكثرت مجيئ العرب إلى كيرالا حتى آلت الأمور لمعانقة الناس الإسلام.وقيل ثم أسلم تشيرمان برمال(الملك الذي تحير على انشقاق القمر) كما تنطق صفحات التاريخ.ثم جاء مالك بن دينار بنورالإسلام و وهج الإرشاد من حضرة الحبيب(ص).وبعد ذلك صارت الدعوة الإسلامية شائعة في أرجاء كيرالا كالمد الإشعاعي من أشعة الشمس وكذلك اللغة العربية.وكثرت مراكز العلم و التعليم حتى روي أهل كيرالا من كوثر اللغة العربية وأجريت في أعراقهم ووجناتهم والتئمت في لحومهم ودمائهم.

 الثورة المخدومية الفاخرة

بعد أن طلعت ينابيع الدعوة الأسلامية ارتفعت المساجد و المدارس على متن كيرالا.فرست سفينة المخدومية مرساة في شاطئ بحار كيرالا بجبال راسيات من علوم وصحوات. فهم أسسوا جملة من حلق الدراسة في ظل الاعتكاف لله تعالى.ورتبوا نظام الدراسة والتربية الإسلامية الجارية قبل مدد وصولهم إلى كيرالا بمزيات رائعة و ابتكارات ممدوحة .فهذه السلسلة سار صيتها في الكائنات والآفاق وحققت كلها على يد صالبين ثابتين فهما زين الدين ابن علي المعبري, المخدوم الكبير والشيخ أحمد زين الدين محمد الغزالي,بكدهما و جدهما بنوا قصورا وبروجا من العلم والمعارف ورفعا منصب اللغة العربية إلى زخرفة الترقيات.

المخدوم الكبير: حياة مترعة بالعلوم الرائعة

آبائه ساروا إلى معبر,بقعة في جنوب الهند. وأقاموا هناك فلذلك ينسب الشيخ إلى معبر.وهذا مشهور بإسم المخدوم الكبير لتماثل اسم حفيده العبقري المخدوم الصغير على طريق التمييز.وهو صاحب كتب عديدة رائعة استقبلها العالم بشوق عزيز.فهو الذي أسس المسجد الكبير في فنان من ولاية كيرالا. ولد رحمة الله عليه بكتشن(cochin) سنة 871ه.كان تعلمه الإبتدائي من فنان. وعمد إلى المكة المكرمة.و تعلم علم التفسير من الشيخ شهاب الدين أحمد بن إسماعيل اليمني. و بعد ذلك عاد راميا الدعوة الإسلامية.ثم تعلم العلوم من درس كالكوت.و بعد ذلك أقام بفناني مدرسا لطلبة العلم.وكان تعليمه الإطار المغيرة التي تعتبر مغتربة.وهذه الإطار حرك كثيرا من مختلف أنحاء العالم للتعلم و التبرك بهذا الشيخ الكبير.كان هو صاحب الطريقة الجشتية.من شيوخه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري.عند عهده احتل البريطانيون وانسلوا إلى جنوب الهند. فلهذا صنف عديدا من الأشعار المعنوية الداعية للجهاد عليهم.ومما أنجبت أنامله: 

1}مرشد الطلاب

2 )سراج القلوب

3)تحفة الأحباء

)كفاية الفرائد 

وغيرها من الكتب التي نالت الشهرة والتي لم تشتهر.وأكثرها موجودة الآن إلا بعض الأثار..توفي هذا العبقري الجليل العزيز سنة 928ه.

هداية الأذكياء إلى طريق الأولياء

فهذا الكتاب- على شكل النظم- مشهور متداول في الكليات والجامعات العالمية الإسلامية .عندما صار الناس في حيص و بيص كتب الشيخ عديدا من المواعظ و النصائح لإعلامهم بأن أبواب التصوف حل لجل ريب المنون. فهذا الكتاب يعد من محورالتصوف.يشمل الكتاب على البحوث الثلاثة التي هي عماد التصوف, هي الشريعة والطريقة والحقيقة.

فأنشد الناظم:

فشريعة كسفينة وطريقة     كالبحر ثم حقيقة  درغلا

ولهذا الكتاب شروح ومنها مسلك الأتقياء وإرشاد الألباء لابنه عبد العزيز المعبري وكفاية الأتقياء إلى نهاية الأصفياء.

المولد المنقوص:شفاء للنادمين

ومن كتبه النعت للنبي المصطفى.فهذا من ذلك النوع.ومن أشهر الكتب في نعت النبي صلوات الله عليه هو كتابه المسمى منقوص مولد;.ولكن صاحب هذا الكتاب مجهول وراء التاريخ إلا أن الإجماع في زين الدين المخدوم الكبير.ويبدأ الكتاب بمدح الله عز وجل الذي خلق محمدا (ص) بدرا من الأنبياء.ويقول المصنف أيضا: قبل خلق الله الكائنات خلق جل وعلى محمدا نورا وبهجة وسراجا منيرا.ومزية هذه المصنفة إشمال النثر قبل الشعر.ويختتم بطلب شفاعة للنبي صلى الله عليه للنجاة في المعاد.ويفوق هذا الكتاب في المدح و البلاغة معا إلى درجة تحسد الناظرين.وللشيخ منظومة أخرى في محور التاريخ هو تحريض أهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان.هذا المجموع الشعري العربي يعد جميع الاضطهاد الذي واجهه المسلمون و الحجاج آن إيابهم في كيرالا من قبل الوحشيين البرتغالييين الضارين. وألف أيضا شرح ألفية بن مالك.هذا شرح مستعمل في بعض الجامعات الخليجية العربية. هذا الكتاب صنف منه معظم الجزء ولكن بقضاء الله انتقل إلى جوار رب العلمين قبل تكميل الكتاب.هذا هو حال المستعملين الأقلام لله عز وجل.ثم أتمه ابنه عبد العزيز المعبري.

المخدوم الصغير:ولادة  للثورة الإسلامية

هو الفقيه المشهور تلميذ الفقيه المشهور،الداعية الإسلامية،المحقق،قرة عين من تلامذة خاتمة المحققين ابن حجر الهيتمي. له كتب عديدة مشهورة و منتشرة كأشعة الشمس.ومن كتبه قرة العين،وفتح المعين وتحفة المجاهدين. وتوفي و دفن بكيرالا

 قرة العين وفتح المعين 

مصنف موجز جامع في المحورالفقهي الشافعي. بعد تأليفه قبله العوام واالخواص والمؤلفون و المحشون و الشراح جمعاء. لهذا شرح ألفه محمد النبوي من جاوا هي نهاية الزين وفتح المعين شرح لقرة العين صنفه كاتب قرة العين هو المخدوم الصغير.فهذا يحتوي على أربع أعمدة الفقه الشافعي.وصنف كاتب الكتاب شرحا للكتاب لما اشتكوا له ببمتن ألفاظه و عائقة الفهم حيث التركيب و فهم المعنى الذي يؤدي إلى الفساد.ومدح الكتاب فريد بن محي الدين البريري بشعره وأول الشعر هكذا:

فتح المعين كتاب شأنه عجب     حوى من الفقه ما لم يحوه كتب

رغم إنظام هذا الكتاب في مدارس كيرالا وقد أوجب كثير من الجامعات في المنهج الدراسي هذا الكتاب الجميل.هذا طار به الطيور بصيتها في الآفاق كحبشة و إندونيشا و اليمن و ماليزيا و قطر. لهذا شرحان مشهوران هما إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين و ترشيح المستفيدين على حاشية فتح المعين للشيخين البكري وعلوي الثقاف.ومن إسهامه التاريخي تحفة المجاهدين في بعض أحوال البرتغاليين. ومن الخدمات المخدومية مسلك الأتقياء لعبد العزيز المعبري وإرشاد الألباء له.

مزيات الكتابة المخدومية

المزيات التي تمتاز الكتابة و الإبداعات المخدوميةهي:

التركيز إلى الموضوعات الدينية الإسلامية

سهم تعريف اللغة العربية لأهل كيرالا بأقلامهم

تواصل الدعوة الإسلامية بالكتب العربية

تراث كريم وأصل متألق للكتابة

تأثير عميق للكتب التي ألفت بعدهم

 إشاعة الكتب في حلقات الدرس والمساجد لأشعاع العربية والدعوة بقصد التعليم.


بقلم أفضل بن عبد الله

طالب في جامعة  دار الهدى الإسلامية


إرسال تعليق

أحدث أقدم