لا تضيع أوقاتك

 

كم من رجل يعاني المشاكل النفسية والقلبية؟ هل فكرت بماذا يقع هكذا؟ أستطيع الجواب عن هذا السؤال دون أن أكلف نفسي بمشقة البحث والاستقصاء ودون اللجوء إلى الاحصائيات والأرقام "لأنها يكون بالفراغ". إن الفراغ هو أساس المشاكل النفسية. فلا تجعل الفراغ يدمرك داخليا,انشغل بنفسك بالمفيد. فمعظم الذين يعانون من مشاكل نفسية يعانون من فراغ كبير. إذا اطلعت علی هؤلاء تجد فيهم أنهم يضرون بأمراض القلوب,خاصة يخضعون للتوتر دائما.

           يعتبر الوقت أهم ما في حياة الإنسان، لأنه کنز ثمين يمتلكه جميع المخلوقات حتی إنه أثمن وأغنی من المال۔ لأنّ الله تعالی أعطى من دون زيادة أو نقصان لأي شخص۔ وکُلُّ إنسان يملك أربعا وعشرين ساعة في يوم واحد، لکن المفارقة بين الناس هو کيفية استغلالهم لهذا الوقت،إن حافظت عليه فقد جمل حياتك۔ فقد أقسم الله تعالی في کتابه المجيد ”والعصر إن الانسان لفي خسر“۔ أي هنا أيد الله ”العصر“ بالقسم

         عمر الإنسان معيّن.. لا عود للعصر الماضي في حياته ولا يضمّ الأيّام الجديد بدلا للحلقات المنقطع من عمره. ولذا...يا صديقي...تعرف أنّ الوقت قيم, ومنفعتها ثمينة, وإسرافها تسبّب لك نكبات مضرّة وعناء شدّة. كما وصف خالقنا سبحانه وتعالى عن أهميّة الوقت في كلامه القرآن الكريم في مواضع عدة هي نعمة من الله, وهو يقول في سورة إبراهيم"وهو الذي جعل الليل و النّهار خلفة لمن أراد أن يذّکر أو أراد شکورا". 

        هل تسمع قول القدماء يقولون ”إن سير الوقت كالسحاب في أحوال الحزن وكهبوب الريح في الأفراح .وهي منّة لا يردّ إلينا ولا يبدل عنها شيء.“إننا نتحجج دائما بالوقت حتى يفوتنا...ثم ندرك أخيرا فداحة ما ضيعنا.وفي الحديث الشريف عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنّ رسول الله ﷺ قال: نعمتان مغبون فيهما کثير من الناس، ´الصحة والفراغ`.

             تأمّل...تضييع الوقت علامة الكسل, لأنه سيف، لو لا حاربت معه تحارب معك ويقتلك. ومن أخطار تضيع الوقت عدم معرفة أهميته۔ إن الشخص الذي يهدر الوقت لا يدرك أهمية استثماره ولا يعرف عاقبة إهداره، فإهدار الوقت يسبب الفشل ويقتل الأحلام ويحبط العزائم ويمنع الفرد من تحقيق أهدافه، لذا يجب إدراك الخطر الناتج عن تضيع الوقت والعمل بشكل جدي لاستثماره أفضل استثمار لحياته الحلوة۔

             يا صاحبي۔۔۔اعلم إن نكبتين تقتلان الوقت. وهما الغفلة والتسويف۔ حيث يقوم الفرد بتأجيل أعماله لليوم التالي وفي اليوم التالي يعود ويأجلها لليوم الذي يليه، وهكذا تمر الأيام ويمضي العمل دون أن يقوم بأي شيء، ولذلك يجب التخلص من التسويف نهائياً لأنه السبب الأساسي والرئيسي لتضيع الوقت. لا تضيع الوقت بتأخير الأمور اليوم,لأنه لا يعود "اليوم" أبدا.

            هناك شيئان قد يدمّران حياتك, الأول انشغالك بالماضي والثاني انشغالك بالآخرين رغما عن فرصتك.لما تطرق باب الماضي تضيع مستقبلك الزاهر الأفضل. والبعض يقضي عمره ولا يعرف ماذا يريد بحياته۔۔۔ فيذهب العمر ويضيع الوقت دون القيام بأي عمل مفيد، وبذا يحتاج لك رؤية مستقبلية واضحة كي تحقق أهدافك۔ولذلك تخطط خطة واضحة تمشي عليها أثناء تنفيذ أعمالك ومهماتك، هذه الخطة هي التي ستحقق لك النجاح الباهر. ولما تراقب الآخرين تضيع نصف راحتك في محاولة إرضائهم.

             قال رسول الله ﷺ لرجل يعظه: اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك۔ 

             اليوم۔۔۔۔تری مجتمعك تدمنون معظم أوقاتهم في الوسائل التواصل الاجتماعي۔ حيث يجلسون يومياً ساعات طويلة على هذه المواقع۔ وهذا ما يضيع وقتنا فلا يبقى لنا الوقت الكافي لممارسة أنشطتنا اليومية الأخرى، ولمعالجة هذا يجب تخصيص وقت محدد للاطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي.ومن نافلة القول..أيها القارئ..الفراغ والخمول من أخصب البيئات للأمراض النفسية عمومًا. فکل دقيقة وکل لحظة ثمينة ۔ إن ذهبت منها قليلا فلن تعود أبداً۔ ولذا، الوقت هو الحياة۔ ومن الذي يغتنم أوقاته في الأعمال الصالحة طوبى له في الدنيا والآخرة۔ ومن أضاع وقته وعمره وترك الاعمال الصالحة فويل له في الدنيا والاخرة.

             ولذا۔۔۔۔۔اجتهد في سد الفراغ الوقتي والذهني والنفسي دائمًا بأمور إيجابية تساعدك على الشعور بتحقيق الذات، مثل العبادة والقرب من الله جل وعلا، ثم العمل الاجتماعي وغير ذلك۔۔ولا تقتل نفسك بكثرة التفكير, فكل أقدارنا مكتوب عند خالقنا سبحانه وتعالى. تعهد بنفسك لانتفاع أوقاتك وتجني النجاح في حياتك.

ميمونة تسليمة  

طالبة کلية وادي الرحمة للآداب والعلوم الإسلامية للبنات

2 تعليقات

  1. ما شاء الله.. الله يبارك في قلمك

    ردحذف
  2. ما شاء الله مبروك 💐💐سطور ملون بالجمالة

    ردحذف
أحدث أقدم