من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام


 إن الإسلام هو الدين الذي يقبله الله تعالى ويرضاه لعباده، ويدعوهم إلى اعتناقه ويصرفهم عن غيره؛ ولا يرضى غيره دينا، وهو دين الأنبياء والمرسلين كافة. يدل على ذلك قول الله تعالى ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13]، فهذا القول الحكيم يشعر أن الإسلام الذي شرعه الله تعالى لنا هو ما وصى به الرسل السابقين؛ وأخص ما فيه إقامة الدين والاستقامة عليه وإسلام الوجه لله، والاجتماع على طاعته.

أخذ الله العهد على كل نبي أن يؤمن بمن يأتيه من الرسل مصدقاً لما معه، وأن يأخذ العهد على أمته أن تؤمن بالرسول الذي يأتيها مصدقاً لكتابها، وبذلك تتحقق الوحدة الدينية، وتنتقل الأمانة الكبرى في الأجيال.

وبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم فتمت برسالته النعمة؛ وسما التشريع إلى القمة، ونزل القرآن مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه، دعا إلى الإيمان بالأنبياء والرسل جميعاً حتى لا يجد ذو دين سماوي غضاضة في الانضواء تحت لوائه؛ والاستظلال برايته. 

ومما لا يرتاب فيه أن الله تعالى واحد في عنصره وجوهره وأصله، وما بعث الله رسولاً إلى أمة إلا دعاها دعوة عازمة  إلى الإيمان بالله وحده وإخلاص الدين له، وإسلام الوجه إليه، وتزكية النفس بطاعته، وإلى الإيمان باليوم الآخر والاستعداد له، وإلى الاستمساك بالخلق الكريم والحرص عليه؛ وإلى الإيمان بالوحي وتصديق النبيين وما جاءوا به من كتاب وحكمة؛ وإلى كف الشر واجتناب العدوان،والتنزه  عن الخبائث

 تدخلات الإسلام في زمن النبي والخلفاء:

 ومما لا يخفى على أحد أن العصر الجاهلي  هو عصر يعرف قبل بعثة النبي محمد (ص)، أي هو العصر الذي جاء قبل ظهور الإسلام، قام المؤرخون بتحديدها بما يقارب مائة وخمسين عام قبل ظهور الإسلام ويرجع سبب تسمية تلك العصر بالجاهلية هو الجهل الكبير الذي انتشر بين العرب في هذه الفترة، والنزاعات والصراعات القبلية، فالعرب عاشوا الحياة القبلية القائمة على الحروب والثورات والنزاعات في العصر الذي سبق ظهور الإسلام. أما الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي كانت تلوح بالجديرة بالتكلم دون الاقتصادية والسياسية لأن قيمة الناس في العصر الجاهلي تكون تبع نسبهم، وكانت القوة تقاس بتعدد الرجال، فمن ولد في قبيلة بها الكثير من الرجال فقد كان عزيزًا منيعًا بين الناس بقومه.

وقد سادت الفوضى بأبشع أنواعها وشاع القتل والزنى في المجتمع الجاهلي. وانتشر لفظ العبيد في العصر الجاهلي بشكل كبير بسبب زواج العرب من الإماء، فلا حقوق لهم مطلقًا، بينما يستغلهم أسيادهم استغلالًا ظالما في الأعمال التي لا يعملها أصحاب الطبقة الرفيعة  في المجتمع ويأخذ منها قيمة المرأة التي عوملت معاملة الحيوانات في العصر الجاهلي، كان العرب ينظرون إليها نظرة دونية ويعتبروها أقل منزلة من الرجال، حتى تفشت ظاهرة الوأد بين العرب. حيث كان الرجل يقوم بدفن ابنته وهي حية عندما يجدها أنثى، فكان الذكر بالنسبة للعرب مفخرة لأبيه وكانت الأنثى منقصة ومذلة لأبيها هذا هو أقبح الخبر في العصر الجاهلي. وهذه التقاليد  تدل على همجية العرب وجاهليتهم في تلك الفترة أيضا.

ومن هنا جاء الإسلام لتحرير المرأة من غياهب السجون التي تم إلقاءها وأتاح لها مكانة عالية في الأسرة والمجتمع. ومع ذلك ساهم النبي صلى الله عليه وسلم لتطوير جميع مستويات المسلمين بعد تأسيس الخلافة الإسلامية في المدينة المنورة. واستطاع أن ينشر مبادئ السلام والتسامح في العالم بدون أي تفريق. وبعد وفاته تابع الخلفاء هذا المنهج الذي نفذه طوال خلافته، واستمروا عليها ما يقارب ثلاثينَ سنة. كما تميزت خلافة الراشدين بتحقيق العديد من الإنجازات على مختلف الصعيد، مثل الفتوحات الإسلامية  حيث نجحوا في مد نفوذ الإسلام ونشره في مناطق جديدة خارج حدود شبه الجزيرة العربية، كانوا قد منحوا اعتبارات كبيرة للتسامح والسلام  في إطار حكمهم.

وفي الحقيقة إن ابتداء المشكلات والشائعات التي توجه إلى الإسلام ليست وليدة اللحظة. بل تضرب جذورها في القرون البعيدة من زمن النبي صلى الله عليه وسلم ،ولها أسباب حضارية وسياسية ودينية. وإن هذه المشكلات ليست نابعة من النقائص في المؤسسات التربوية والتعليمية أو من قلة المدرسين والمكونين أو المؤطرين أو الموجهين أو من أجل القلة في الوسائل التجهيزية. بل بسبب سوء التفاهم والكراهية التي يحملون عن الإسلام، وخاصة بممارسة  الأفكار الاستقلالية التي تطالب بتغيير نظام الأديان التي توصل إلى اضطرابات اجتماعية كبيرة.

إن الإسلام منهج متكامل لحياة البشرية. فالإيمان بالله سبحانه وتعالى، والاعتصام بعيقدة التوحيد واتباع الكتاب والسنة، والتمسك بمبادئ الإسلام ومعتقداته، واختيار العمل الصالح، وإعمار القلوب بذكر الله تعالى، عوامل مهمة لجلب الأمن ودرء المفسدات في الحياة الإنسانية. لكن المفاهيم الخاطئة تأدي إلى عديد من المشاكل التي تسبب للإرهاب والتطرف والإلحاد والهرطقة. فيها فرصة  لأعداء الإسلام الذين ينتظرون المسرح لاجتثاث جذور الإسلام. والإرهاب مرض مفحش يدمر سلامة الإنسان ودول العالم. 

الفساد في الأرض أي لون وأي نوع و أي شكل كان، من قتل، وتفجير، وتدمير، وإرعاب، و عنف، وطغيان، وعدوان، وغصب، و نهب، وسلب، واعتداء على حقوق الآخرين ذهنيا، أو نفسيا، أو اقتصاديا، سياسيا ، أو محليا، أو دوليا لصق بسفاهة الاِرهاب. وللاِرهاب أسباب وبواعث متعددة سياسية واجتماعية  وأسباب علمية ، فكرية، ونفسية وتربوية، واقتصادية. فالبعد من أسبابها  واجب وضروري لكل من يؤمن بالاِسلام وأصوله.

أما التطرف هو تجاوز قوانين حيث لا يجوز المجاوزات والذهاب من الحقائق إلى البعيد. ومنبع التطرف يكون من الجهل بحقائق الدين. وهذا يتكثر مضراته بكونها مضادة لقواعد الإسلام. فالحين يزداد عدد المتطرفين  الذين يظهرون على زي المسلمين وأسماء مسلمة،ويمارسون الإرهاب والتطرف على اسم الإسلام، ولكنهم بالفعل ، يحاولون بممارساتهم البشيعة لأجل ستر مبادئ الأصلية لدين الإسلام وإطفاء نوره بشكل كبير.وتتحد الهرطقة للتطرف بغايتها من محاربة الإسلام, كما شهدنا في الآونة الأخيرة خاصة في قضية الحجاب الواقعة في  الهند.

إن  انهدام دين الإسلام تمثل يوم القيامة هو نهاية العالم والحياة الدنيوية، ويحدث ذلك عند  ازدياد ظهور الذين يمارسون العبادة لغير الله، كما يسلط عليه قوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {يونس:18} فالحل والوحيد والدفع الفريد للنجاة من هذا المأزق الخطير أن نلتزم بمقاصد الشريعة وأن ندافع كل التهمات الموجهة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.


محمد نظام الدين ان.أم 
طالب في كلية الشهداء مامبا

1 تعليقات

أحدث أقدم