الاغتراب.. رحلة بحث عن المعرفة


 يفكر الكثيرون في السفر خارج بلدانهم لأسباب متعددة ومختلفة من شخص إلى آخر، من بينها القيام بتجربة حياة جديدة، والتواصل مع أناس يختلفون عن من نشأ معهم، والتعرف على ثقافة مختلفة عن ثقافة أهله ومجتمعه، وهناك من يرى أن السفر غير مرغوب فيه بسبب مخاوف داخل الشخص نفسه مما يسمونه الاغتراب. يظن البعض أنه إذا اغترب سوف يعامل معاملة سيئة، ولن يحظى بالراحة التي يريدها، وقد سمعت كلمات من أكثر من مغترب أنه غير مرتاح في الاغتراب ورأيت فيهم علامات اليأس وعدم الراحة النفسية رغم أوضاعهم المادية الممتازة، وقد حاول بعضهم تغيير قناعاتي بالاغتراب بوصفه شيئا غير مرغوب، حسب وصفهم.

ماذا لو أطلقنا على الاغتراب اسما آخر؟ بالطبع، سيكون ذلك أكثر بساطة وإفادة للمعنى ويجسد لنا فكرة جديدة غير تلك التي نسمعها من أصحاب النفوس البائسة. ماذا لو أطلقنا عليه اسم "رحلة البحث عن المعرفة" او اسم "حياة جديدة" نبنيها بأنفسنا وبمعرفتنا لا يشاركنا فيها سوى من نختارهم نحن. لا يشاركنا فيها سوى المعرفة والأفكار المؤسسية. لماذا لا نبعـد أولئك الذين يضعون أحلامه تحت الوسادة؟ سوف نرتاح إذا كنا "نحن" ولم نكن "هم" وسوف تتغير حياتنا إلى الأفضل دون عناء.

هل حاولت من قبل تجربة السفر وتغيير حياتك؟ سوف أخبرك بالسبب: عندما تضع الماء على الإناء هل يستطيع أن يخرج منه؟ بالطبع لا؛ لأن هناك حاجز يمنعه من الخروج تماما كما يحدث مع من يخاف السفر (الاغتراب) أو "البحث عن المعرفة"، يقول الزميل أحمد بابكر حمدان:  "إن من يتعاملون بنصف الصورة لا يستطيعون رؤية الصورة الكاملة لذلك يفشلون في بناء العلاقات واكتساب المعرفة الكافية".

لا يرغب البعض أن يغير حياته للأفضل برغم ما لديه من مقومات تساعده في تغييرها دون جهد كبير.ومن يضع أمامه حواجز باستمرار لن يبني أي علاقة جيدة وسوف يظل "داخل الصندوق" دون أن يفيد البشرية بشيء ذي قيمة وبذلك يصبح رقما حسابيا لا غير. ومن يخشى الفشل لن ينجز شيئا بالطبع.ودون أن تفشل في المرة الأولى والثانية لن تستطيع الوصول إلى ما ترغب في إنجازه.

في كتاب فن اللا مبالاة للكاتب (مارك مانسون): "لا يستطيع كل شخص أن يكون متميزا متفوقا، ففي المجتمع ناجحون وفاشلون وقسم من هذا الواقع ليس عادلا وليس نتيجة غلطتك أنت. صحيح أن المال شيء حسن ولكن اهتمامك بما تفعله بحياتك أحسن بكثير فالتجربه هي الثروة الحقيقية". ويقول أيضا تأتي المرونة والسعادة والحرية من معرفة ما يجب الاهتمام به، والأهم من هذا أنها تأتي من معرفة ما ينبغي عدم الاهتمام به". وضرب لنا مثلا يقول فيه: "عندما يشاهد شخص فيلما دائما يكون في صف البطل"!!

لماذا لا نرى الخائن هو البطل؟ لأننا نريد ذلك، ويقوم المخرج عادة بتشويه صورة الخائن وأن كل ما يفعله خطأ.. لا أحثك على الوقوف مع الخائن بل أقول لك كن أنت المخرج ولا تدع افكارك تضيع منك.. ركز في مشروعك المعرفي .. لا تتبع أولئك الذين يدعون المعرفة والفهم.. افهم قبل النقاش.. اعرف قبل الإجابة.. ابحث عن المعرفة داخلك.. لا تدع مساحة لهم لتعطيل مشروعك.. كن (أنت) ولا تكن (هم) دع ذاتك تسمو وتعانق الحلم.


أيمن حماد
 طالب جامعي سوداني مقيم بالقاهرة

1 تعليقات

أحدث أقدم