طوفان التغيير

 

كاد الشمس يميل إلى البحر وطار الطيور إلى عشها ويمشي الناس إلى شاطئ البحر راجيين المرح والسرور ،فرأى أبوبكر رأية أسفة قرب شجرة مانجا الكبيرة في حديقة بلده . إن القاطعين اجتمعوا من أجل قطع تلك الشجرة المثمرة المينعة التي كانت مفيدة للناس وعشا للطيور وملعبا للأطفال ومظلا لأبناء السبيل.فتصاعدت ردود فعل غامضة في قلبه من رأية هذا العمل السيئ .مشى أبو بكر إلى قرب الشجرة مع خالي القلب وسمع أصوات الطيور الطائرة في البستان ،فاتجه أبوبكر إلى القاطعين وطلب منهم ليتوقفوا حتى يسرد قصته التي مضى عنه في زمن بعيد،فأوقفوا عملهم،  فبدأ أبو بكر  قصته والذين حوله يستمعون إليه، وحتى البيئة كأنه يسكت لتصغي قصته، فبدأ يقول "قبل خمس سنوات كنت أناقش مع زوجتي وأولادي عن الأمور العائلية وقت شرب الشاي، فسمعت الأذان من المسجد ،فذهبت إلى المسجد بعد أن سلّمت على أهلي .لما أردت أن أرجع إلى بيتي فنزل المطر الغزير وهاج الأشجار بما فيها أشجار النارجيل بشدة الريح ،وخلط التراب وسوت الجداول للشواطئ، وشاهدت هذا كله وفاضت عيني ، واشترك الأصحاب حتى الأشجار في بكائي وترقرقت الدموع،فاضت الأنهار وانهارت الأراضي واختلط الماء والتراب، سمعت صياح الحيوانات وأنين أهلي وجيراني وقلبي يكاد أن يتوقف بشدة ما أرى وأسمع،  ورأيت الناس يبذلون كل ما بوسعهم أن ينقذوا أنفسهم وأهلهم من الطوفان.واجتثت الأشجار المثمرة إلى الماء وأصبح الأرض بحرا يجري فيه الإنسان والاسماك معا، وتخربت البيوت بانهيار الأرض وارتفاع الماء.حينها أحاول قدر ما أستطيع لإنقاذ أهلي من هذا المأزق، ولكن المطر نزل مع الرعد والبرق،   ولم أستطع أن أخرج إلى طريق بيتي،وكان الطرق ممتلئة بالماء ولم أستطع أن أجد الطريق المؤدي إلى بيتي.وأوصلني عمال الإنقاذ إلى مخيم الإغاثة وبعد يومين بعد أن هدأ المطر وجدت جثث عائلتي منتقلين إلى رحمة الله، وفاضت العيون .ولما توفق أبو بكر من سرد قصته دمعت عيون الكل الذين كانوا حوله، وبدأت أصوات العصافير ترتفع كالبكاء،وبكت السماء باستماع هذه القصة الأليمة، ثم قال لمن حوله :إن الإنسان يقطعون الأشجار المثمرة فيفسد الأمن والسلامة للبيئة وأصبحت ظاهرة مألوفة في هذا العصر الراهن، وبالفعل يقتل الإنسان نفسه بقطع شجرة ويتسلح الإنسان بأسلحة، ولما أنهى أبوبكر كلامه للقاطعين قالوا،لقد اقترفنا ذنوبا كثيرة  والآن فهمنا خطئنا،فمن اليوم فصاعدا نوقف القطع ونمنع اذا نرى من يقطع الأشجار،  وذهب القاطعون بعد أن ألقوا السلام، تبسم الأشجار والأتربة لاحفة في هذا السرور وأتى  القمر بضؤه المستنير بكل البشاشة والفشاشة ومالت أشعة الشمس إلى المغرب ، وارتفعت أصوات الأذان من منارة المساجد، وحمد أبو بكر ربه ومشى قاصدا المسجد. وفاضت دموع السرور من عيونه.

أنس وي بي

1 تعليقات

أحدث أقدم