الجهاد



هناك رجل اسمه جاسوس يعيش في بلد بعيد عن الدول الإسلامية، وهو رجل حنون القلب لكنه ملحد لا يعرف عن الإسلام  شيئا، وهو مسكين يسد رمقه  بعمله كقائد السيارة وكان يرى أن الإسلام دين الإرهابية والتطرف وأن له شريعة تشجع الجهاد دائما، كما يُظهره الغرب اليوم أمام العالم.

وكان جاسوس يعيش مع عائلته فرحا ومرحا بما يجده من رزقه وهو يرضى ويقنع بما يحصل لديه، فجأة أتاح له أبوه فرصة للذهاب إلى الدول العربية، لكنه لم يرغب قط في زيارتها لِما توهّم عن حقيقة الإسلام، واعتقد أنه ليس دين السلامة والسكينة بل بعيد كل البعد عن السلام والحق.

أخيرا، عزم جاسوس أن يغادر إلى سوريا بسبب إجبار من أبيه وعياله ولشدة فقره وفاقته، وسوريا كانت مظهر الجهاد حينئذ فكان قلبه مملوء بالغضب وأفكاره مترَعة بالحزن...حتى فارق جاسوس بيته وبلده وتجرّع ألم الفراق وكان هذا أشد الأوقات حزنا في حياته ولم يمض له يوم حاسم مثل هذا.

ذهب جاسوس إلي المطار وموعده ٩٫٠٠ تحديدا فوصل إلى المطار واستراح في غرفة الانتظار، فحضر أمامه ألوان من الأطعمة بما فيها الفواكه والحلويات وما إليها، فأكل منه وسكن قلبه ووارتاح باله، فإذا تأتي الطائرة من بعيد بسرعة مذهلة.

وبعد لحَظات جاء الركاب وركبوا الطائرة، وكانت هذه تجربته الأولى والأخيرة في الطائرة، ومقصده هو سوريا، هو بدأ يتحدث مع جليس له وتسائل عن أحوال سوريا التي يحسبها هو كبلد الإرهابية والظلم والجور، لكن جليسه في الطائرة رده قائلا: إنه هو بلد سكينة وهدوء والمشاكل السياسية فيها لا تعنيك.

فلما سمع قوله اشتد حزن جاسوس لأنه كان يتوهم عنها أشياء لا يليق بها  وكانت ظنونه فاسدة ومضلِّلَة لا تمتّ الحقيقة بصِلة.

وصل جاسوس إلي مطار حلب الدولي ونظر إلى الشرطة وتغمر وجوهَهم المهابة والوقار والناس كلهم  يذهبون ويرجعون كما هو في العادة، ومعاملتهم كانت متأدبة وأنيقة، فتعجب من حسنها وذهب إلى غرفته وبعد وصلوله إلى الغرفة اغتسل وبعد ذلك آوى إلى فراشه.

فلما أصبح أصبح على الخير وأشرق قلبه بالفرح وهو يطِلّ إلى السماء والشمس المضيئة. ولما حان وقت العمل خرج إلى المكتب. وبدأ يعمل فى هذا المنصب ففهم أن  هؤلاء العمال متصفون بالأخلاق المحمودة كالشكر والسكينة والسلامة والقناعة وعلم أيضا أن أغلبهم وأكثرهم مسلمون ولكن في قلبه خوف ورعب.

فجأة قد فقدت محفظة المال  فخاف ورعب حتى لم ير أمامه أي مخرج .. لمن أشارك ما حل بي من المصيبة المتناهية في تربة الإرهابية هذه...يئس من كل الآمال .
علي غير التوقع،  أتى اليه أحد فسلم عليه ثم قال :كيف الحال قال جاسوس:زين طيب.فقال الغريب :ما الذي اصابك؟ أرى في عينيك دموع الهموم واليأس.   قال : يا أخي فقد مالي حول ٥٠٠٠٠ درهم. قال الغريب الذي أتى إليه ..لا تحزن يا أخي العزيز.. إليك هذا.. أعطاه أكثر مما فقده من المال.  ملئ قلب جاسوس  باالفرح والسرور وهذه الخبرة  قربته  من الإسلام وتفكر هل هذا هو إرهابية المسلمين، يا للعجب...

فلما علم سجايا هؤلاء الجماعة المسلمين وحدوث التجربة تأثر بهم حتى اقترب قلبه من شاطئ الإسلام وسلك إلى طريق الإيمان فاستعد على أن يجتهد في البحث عن المسلمين وعن دينهم وعن حقيقة الجهاد.  فلم يدرك شيئا يسيء سمعة الإسلام بخصوص الجهاد، فتفكر لماذا يقول الغرب أن الإسلام هو دين الجهاد ودين الوغى؟

فوقع هو في حيث وبصر أمامه بحر ووراءه شيطان، وشغلت ذهنه الأفكار الساخنة. حتى توصل إلى نتيجة أن وسائل الإعلام هي ما تنشر وتذيع  أن الإسلام هو الجهاد والحقيقة تخالفه كل المخالفة.

ثم تقدم في بحثه عن الإسلام ومن ثم جعل القرآن مبحثه، فرأى عجائب فيه وفكر بآياته العظيمة وهذا قرّبه من الإسلام أكثر وأكثر. وآيات القرآن هي آيات السلامة والرحمة والعدل  وعلم أن المسلمين قد أذنوا للقتال بأنهم ظلموا وقد وضعت الشريعة للقتال أحكاما خاصة، وبعد ذلك عمد إلى البحث عن حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وشخصيته الشريفة فكانت تقنع قلبه وتشبِع نفسه 

وبعد أن فهم هذه الحقائق تقدم جاسوس إلي المملكة العربية السعودية وتوجه نحو المدينة المنورة فنطق بالشهادتين واعتنق الإسلام،  وجعل اسمه محمد وقال "أن الإسلام هو دين الرحمة والسلامة  والجهاد ليس أن نموت في سبيل الله بل هو أن نحيا في سبيل الله"

 مصطفي سي
طالب في مجمع دار الفلاح الإسلامي

إرسال تعليق

أحدث أقدم