الشيعية بين الحقيقة والروايات

 
الشيعية بين الحقيقة والروايات

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين أصلي وأسلم على النبي الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد

فقد مست الحاجة إلى إدراك أرومة الشيعية ومنبتها تمهيدا وتوطئة لمعرفة مناهجها الأساسية التي نصبت ألويتها ونشرت مبادئها بها سألخصها تحت نقاط هامة بعد تناولها إن شاء الله تبارك وتعالى
 
الشيعية طائفة إسلامية مستحدثة أسست على يد عبد الله بن سبأ، الذى كان يهوديا من اليمن ادعى الاسلام باستهداف تفريق المسلمين وإثارة الفتن بينهم، في الفترة الأخيرة من عصر الخليفة الثالث عثمان بن عفان (ر).

ومن الحقيقة التى لا يشوبها شك أن مسألة توقيت ظهور المذهب الشيعي من أهم المسائل وأكثرها إثارة للجدل والاختلاف بين العلماء . وبالنسبة إلى العلماء الشيعية فإنهم يحاولون أن يثبتوا أن التشيع لم يكن أمرا طارئا في الإسلام على أن بذرة التشيع قد بدأت بعد وفاة النبي (ص)حيث اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة لاختيار الخليفة الجديد حيث تم اختيار أبو بكر الصديق (ر)أول خليفة للمسلمين . بعد السقيفة بدأت مجموعة صغيرة من المهاجرين والأنصار ،منهم عباس بن عبد المطلب وأبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي (ر) يجتمعون في بيت علي بن أبي طالب معترضين على اختيار أبي بكر الصديق كخليفة مدعين أن الخلافة ينبغي أن يكون لآل البيت وأن عليا أحق للخلافة والمبايعة. ولكن عليا ردهم ولم يتولى الخلافة إلا بعد عثمان (ر)

أما علماء أهل السنة والجماعة يتفقون على أن التشيع أمر طارئ وغريب عن الإسلام وأنه بدعة في الدين حيث لم يوجد فى عصر الرسول ولا في عصر خليفتيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما من عرفوا باالشيعة.
       
 فإذا فحصنا جذورها المستدمرة التي أشاعت أغصانها المنتشرة نصل إلى نتيجة مدهشة حيث أن بعض المؤرخين ذهبوا أن نطفة الشيعية قد أنزلت من صلب الأمة المسلمة مع أحداث تشكلت فى عهد عثمان بن عفان (ر)،حيث أدت سياسات بعض عماله إلى سخط عامة وثورة طاحنة ضده.وكان وراء هؤلاء المضطربين المعلنين الثورة ضد الخليفة، عبد الله بن سبأ الذي ادعى إسلامه في زمن عثمان بن عفان (ر)ونشر أفكاره ومبادئه الشنيعة في مصر وغيرها من بلاد المسلمين، وأجمع شعبها وأثارهم ضد الخليفة حيث قتل الخليفة على أيديهم فى النهاية .وقد أطلق المؤرخون على تلك الفرقة الثائرة فرقة السبئية نسبا إلى عبد الله بن سبأ .وعلى كل الأحوال فقد كان هدفهم في النهاية أن يتولى علي بن أبي طالب الخلافة
    
    وقد يرى البعض أن الشيعية قد بدأت وظهرت أثناء معركتي الجمل والصفين- اللتين أسفرت عن مقتل عثمان بن عفان حيث وقعت بين الخليفة علي بن أبي طالب وبين فئة من الصحابة الذين أعلنوا رفضهم لخلافة علي بن أبي طالب من أجل تباطئه عن القبض على قتلة عثمان، منهم أم المؤمنين عائشة (ر)وطلحة بن عبيد الله وزبير بن العوام ومعاوية رضي الله عنهم - حيث سمى علي متبعيه ومؤيديه في المعركة شيعته.
     
   ومن الجدير بالذكر هنا أنه لم يحدث أي خلافات عقائدي بين المسلمين في صدر التاريخ الإسلامي بل كانت الخلافات كلها خلافات سياسية محضة لا علاقات لها العقيدة.أما اللغط الكبير حول نشأة الشيعية إختلاط الأمر على لفظ الشيعةبين العقيدة الموجودة الآن والشيعة بمعنى المؤيدون لشخص معين،حيث كان من عادة العرب أن يطلقوا على من يوالون شخصا ما، بأنه من شيعته،مثل الشيعة علي و شيعة عثمان ،كما ذكر. وباالجملة أن الخلافات اللتي تشكلت بعد وفاة النبي ليس لها علاقة للعقيدة ، وأيضا لاعلاقة لها لولادة الشيعية.

الشيعية تعريفها ومبادئها
        
        كلمة الشيعية تعني بها شيعة علي أو أتباع علي.وهم يرون أن علي بن ابي طالب وأحد عشر إماما من أولاده (من زوجته فاطمة)هم أئمة مفترضو الطاعة والمرجع الرئيسي للمسلمين بعد وفاة النبي (ص) ويؤمنون أيضا بأن آل البيت كانو أحق في قيادة الأمة الإسلامية بعد النبي , في حين أن أهل السنة يؤمن بأحقية صحابة النبي الآخرين مثل أبو بكر صديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم .أما القيادة والخلافة عنصران مهمان بين الشيعة حيث أدت إلى ظهور فرقة عديدة فيما بينهم.  
     
   أما زعم الإمامة هو الأساس المهم الذي يوحد جميع طوائف الشيعة تحت مظلة واحدة .عندما يدعي جميع الشيعة أن الإمامة مقدسة مثل النبوة، حيث أنها من تقدير الله ،وأن الامام معصوم من كل الذنوب، وأن عليا رضي الله عنه أحق أن يكون أول خليفة للمسلمين، يؤمن الوسطيون منهم أن الفرق بين النبي وعلي هو النبوة فقط في حين المتطرفون منهم يدعون ليس بينهما أي فرق. وبعضهم زعموا حتى أنه إله. ويبرهن على تلك الحقيقة الوثيقة قول المؤرخ المستشرق "إيغناس غولد تسيهر"فى كتابه "العقيدة والشريعة فى الإسلام"الشيعة على وجه الدقة المنطقة التى نبتت فيها جراثيم السخافات التي حلت وقضت على نظرية الألوهية فى الإسلام."

        ومما لا يرتاب فيه أن عبد الله بن سبأ قد بدأ نشر أفكاره الشنيعة بين المسلمين الجدد حيث زعم أن النبي (ص)لم يتوف بل غاب عن الحياة البشرية فقط.ولما حاز أفكاره الرسوخ والتجذير بين المصريين زعم أنه لكل نبي وريثه ووريث النبي (ص)علي،ثم إن عليا قد نفاه إلى إيران من أجل نشر أفكار بشيعة عنه.ولما توفي علي زعم أنه لم يمت بل مات شيطان في صورته إنما هو اختفى عن البشرية فقط.وهناك من يرى أن بن سبأ أول من دعى إلى الغلو فى شخصية علي بن أبي طالب.ونشر من عقائد الشيعة الأساسية مثل "الرجعة" "والوصية" "والعصمة"ولذلك أنه هو المؤسس الفعلي للمذهب الشيعي.

        إنه مما لا يخفى على أحد بأن كانت بين المذهب الشيعي والديانة اليهودية علاقة عريقة وصلة عميقة مباشرة في المبادئ بتدخل عبدالله بن سبأ- الذي كان من أصول اليهودية-في تأسيس المذهب الشيعي ونشر أفكاره.وقد ربط عدد من العلماء السنة بين المذهب الشيعي واليهودية مقارنة في العقائد بين الشيعة واليهود. فيشبه فكرة الرجعة والحياة الطويلة عند بعض الفرقة المنسوبة إلى الشيعة ببعض الأفكار القريبة عند اليهود.

        فإن عدد من المستشرقين حاولوا نسبة الشيعة إلى أصول غير إسلامية،إذ نسبه بعضهم إلى مؤثرات فارسية وآخرون إلى مؤثرات يهودية.ومن أشهر المستشرقين الذين اعتقدوا بالأصول الفارسية للتشيع"رينهارت دوزي"في كتابه "ملو الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام".إنه أكد الربط بين المذهب الشيعي وبلاد الفرس التي كان مسرحا للتخرصات الدينية حيث التقت فيها أخلاط من المذاهب المختلفة وأمشاج من الأديان المتباينة.ووجدت(الشيعة) فى هذه الأراضي حقلا خصبا لازدهارها.واعتقد هو أن إقبال الفرس واعتناقه على الانخراط في الدين الإسلام بعد فتح العرب كان سببا مهما من أسباب ظهور المذهب الشيعي بصبغته الفارسية.( فكرة الإمامة تشبه تقاليد وعادات الفارسية.) أما المستشرق الألماني " يوليوس فلهاوزن "يرى أن التشيع يرجع إلى اليهودية أكثر من أن يرجع إلى الإيرانيين" 

المذاهب الشيعية الثلاثة

    ومن الحقيقة التى لا مرية فيها أن الاختلافات حول القيادة والإمامة قد أدى إلى ظهور العديد من الفروع بين الشيعة،حيث يسجل المؤرخون أن عدد فرقهم يزداد أكثر من سبعين.ولا يزال هناك اختلافات بينهم عن منزلة علي بن أبي طالب والأئمة التى من ذريته.وهناك مذاهب ثلاثة مهمة بين الشيعة كما يأتي الاثنا عشرية
    يعتبر الطائفة الاثنا عشرية أكبر الطوائف الشيعية من عدد السكان بحيث تقدر نسبتها بحوالي %85 من الشيعة.وتحتوي إيران وعراق وأذربيجان على أكثر من ثلثي عدد الشيعة الاثنا عشرية.

 يعتقد فرقة لاثنا عشرية أن قيادة الأمة الدينية والسياسية منحصرة فى اثنا عشر إماما.يستدلون لذلك الحديث النبوية "يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ".ويقدرون عليا كالإمام الأول ومحمد المهدي أخيرهم.فإن من معتقداتهم الإمامة والعصمة والعلم اللدني( يتوفر الأئمة علم غير مادي من النبي ) ومعجزة الأئمة والتقية(إخفاء الإيمان في الأحوال المحتاجة المضطرة كحماية نفسية ) والرجعة(اعتقاد أن الإمام المخفي(الإمام المهدي) سوف يعود) والبرائة(اعتقاد أن عليا بريئ من خلفاء قبله )والبداع( اعتقاد أن الله يغير القضاء عند وقوع الحوادث الجديدة ) والمتعة (تحليل الزواج المؤقت).تمكنت الاثنا عشرية على الحكم في إيران في الفترة الصفوي حيث فرض المذهب الشيعي الاثنا عشري مذهبا رسميا للدولة.

الإسماعيلية

        الشيعة الإسماعيلية أكبر الطوائف بعد الاثنا عشرية . تشكلت الشيعة الإسماعيلية خلال أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع الميلادي ،مبرزين الاختلاف عن الشيعة الاثنا عشرية حول القيادة والخلافة بعد وفاة الإمام السابع جعفر الصادق،إذ إختاروا اتباع ابنه إسماعيل بن جعفر الصادق إلا أن الاثنا عشريين يعتقدون تولية موسى الكاظم ،ابن آخر للامام جعفر الصادق.يعتقد البعض منهم أن إسماعيل هو الإمام السابع والأخير وهم يزعمون أن بن إسماعيل محمد بن إسماعيل الملقب باالمكتوم سيعود في نهاية العالم كونه المهدي لإعادة نشر العالم بالعدالة.وقد تمكنوا من تأسيس الدولة الفاطمية في شمال إفريقيا.،حيث امتد نطاقها على طول الساحل للبحر المتوسط من بلاد المغرب إلى مصر.

الزيدية

الزيدية من أكبر الطوائف الشيعية عددا بعد الاثنا عشرية والإسماعيلية.إنهم ينسبون إلى زيد بن علي حفيد حسين بن علي.وهم يؤمنون أن زيدا كان الإمام الشرعي، ذلك لأنه قاد تمردا ضد الخليفة الأموي، هشام .ويعترف الزيديون بأن زيد بن علي كان الإمام الخامس الشرعي،بسبب حملته العسكرية ضد الخلافة الأموية التى يعتقدون أنها غير شرعية،في حين يعتقد معظم الاثنا عشريون أن شقيق زيد،محمد الباقر هو الإمام الخامس الشرعي.تمكن الزيديون تأسيس أول دولة لهم في طبرستان في شمال إيران على طول بحر قزوين عام 864م.

تاريخ الاضطهاد والازدهار

        اشتملت تاريخ العلاقات بين السنة والشيعة فى كثير من الأحيان على العنف،التى يعود تاريخها منذ نشوء الطائفة الشيعية. وكان كثير من الحكام السنة ينظرون إلى الشيعة على أنهم تهديد سواء لسلطتهم السياسية والدينية حيث سعى حكام السنة تحت الحكم الأموي والعباسي لتهميش الأقلية الشيعية.
     
   وقد تمكنت الشيعة أثناء هذه الاضطهادات تأسيس السلطنة . معظمهم بعد هروبهم من هيمنة السلطات السنيين.منها الدولة الإدريسية حكمت بالمغرب حوالي 130سنة والدولة الأخيضرية في إقليم اليمامة في شرق نجد(866م-1093م) والدولة البويهية في غرب إيران والعراق(932م-1062م) والدولة الحمدانية في الموصل (930م _1003م) والدولة الفاطمية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط(909م-1171م) والدولة الصفوية في إيران(1501م-1736م) والدولة الزندية في جنوب إيران (1750م-1794م) والدولة أوده في هند (1722م-1858م).يعتبر الثورة الإسلامية الإيرانية (الشيعية) نقطة تحول للشيعة المعاصرة حيث تمكنت استبدال نظام الملكي المدعوم من الولايات الأمم المتحدة بدعم من الفئات المختلفة مثل اليساريين والعلمانيين والاشتراكيين والإسلاميين ،بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التى هي دولة وحيدة للشيعة في العالم.
     
   لا يزال يحاول إيران اليوم ليكون صوت الأمة المسلمة وحاميها حيث يعارض القوى الغربية الاستعمارية خاصة الأمريكية ،عن ساق الجد.ولا يوجد هناك تنسيق واسع تكلم وتفعل لأجل الأمة المسلمة ومن حاجة اليوم ونداء الساعة، بغض النظر عن معتقداتهم، لأجل مصالح الأمة تحت تنسيق مشيد يدمر مكاييد الغرب وكمائنهم دون الشقاق والتفرقة .

 

محمد فائز ان ام
 



إرسال تعليق

أحدث أقدم